للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن أسكنها ذهب إلى التَّخفيف، ومن فَتَحَ فعلى أصلِ الكلمةِ، لأنَّ الياءَ اسمٌ مكني، وكلُّ مكني فإنه يُبنى عَلَى حركةٍ نحو الكاف فِيْ كَذَلِكَ، والتاء فِيْ قمت وذهب، وإنَّما السُّؤال فِيْ قراءة أبي عَمْرٍو لِمَ فتحَ حرفًا وأسكن آخر وهما سيَّان؟

ففي ذَلِكَ ثلاثةُ أجوبةٍ:

قَالَ أَبُو عَمْرٍو: إنَّمَا فرَّقتُ بينهما؛ لأنَّ الذي فِيْ النَّمل استفهام، والذي فِيْ يس انتفاء، ولم يذكر لم وجب أن يكون كَذَلِكَ.

وَقَالَ آخرون: جَمَعَ بين اللُّغتين ليُعلم أنَّهما جائزتان.

والقولُ الثالثُ: أن «ما لي لَا أَرَىَ الهُدْهُدَ» استفهام، يصلح الوقف عَلَى ما لي وما لك، فإذا وقفت سكنت الياء «وما لي لَا أَعْبَدُ» بني الكلام فيه عَلَى الوصل فحرك الياء إِذَا لم ينو الوقف.

وقيل لابن عَبَّاس: لم تَفَقَّدَ سليمانُ الهُدهدَ من بني الطير؟

فَقَالَ: لأنَّه كان قُناقنًا، أي: يعرف مواضع المياه. تَقُولُ العرب للذي يحفر الآبار: رجل قنقن وقناقن. وإنَّما رَفَعَ اللهُ العَذَابَ عن الهُدْهد لبرِّه بأبَوَيْه.

وقولُه تَعَالى: {أَوْ لَيَأَتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ}.

قرأ ابن كثير: «أو ليأتينَّنِي» بنونين، الأولى مشدَّدةٌ نونُ التَّوكيد، والثَّانيةُ مَعَ الياءِ اسمُ المتكلم.

وقرأ الباقون: «أو لَيَأْتِيَنِّي» بنونٍ واحدةٍ كرهوا الجمعَ بين ثلاثِ نوناتٍ فخَزَلُوا واحدةً كَمَا قَالَ: {إنَّا أَعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ} والأصلُ: إنَّنا. ومعنى «بِسُلْطَانٍ مُبِيْنٍ» أي: بحجَّةٍ بيِّنةٍ. وكلُّ سلطانٍ فِيْ القرآن فهو حجَّةٌ.

حَدَّثَنَا ابنُ مجاهدٍ عَنْ السِّمَّرِيِّ، عَنْ الفَرَّاءِ، قَالَ: السُّلطانُ: الخليفةُ يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ، يُقال: قَضَتْ بِهِ عليك السَّلطان وقضى.

وقولُه تَعَالى: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيْدٍ}.

قرأ عاصمٌ وحده: «فمكث» بالفتح.

وقرأ الباقون: «فمكث» بالضم، وهما لغتان مَكَثَ ومَكُثَ وحَمَضَ وحَمُضَ وكَمَلَ وكَمُلَ فهو ماكثٌ وحامضٌ وكاملٌ. والاختيار فَعَلَ بالفتح؛ لأنَّ فَعُلَ بالضَمِّ أكثرُ ما يأتي الاسم عَلَى فَعِيْل نحو ظَرُفَ وكَرْمَ فهو ظريف وكريم، وقد حكي لغةٌ ثالثةٌ فِيْ

<<  <   >  >>