تظلين لياني وأنت مليئة ... فأحسن يا ذات التَّقَاضِيَا
وفي حَديثِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيُّ الوَاْجِدُ ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضُهُ بِعُقَوْبَتِهِ»، فالعِرض نَفسه يحلّ للرجل لزومها والعُقوبة الحَبس. والمصدر من المُشدد لَوَّى يُلَوِّى تَلْوِيَةً وتَلْوِيًّا فهو مُلَوٍّ والأمرُ من هَذَا: لَوِّ، ومن الآخر: ألوِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ:
تَقُولُ العَرَبُ مَطَلَهُ، ودَالَكَهُ، ولَواه بمعنًى واحدٍ.
وقولُه تَعَالى: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ}.
وقرأ أَبو عَمرو وحدَه: «وَأَكُونَ» بالواوِ، والنَّصْبِ جَعله نَسَقًا عَلَى «فَأَصَّدَّقَ» وذلك: أن «لَولا معناه» هلَّا وجوابُ الاستفهامِ والتَّخصيص بالفاءِ يكون منصوبًا، واحتّجَّ بأن فِي حرفِ عبدِ اللَّه وأُبيّ «أَكُونَ» بالواوِ مكتوبًا. قَالَ: إنّما حذفُوا الواوَ فِي الكتابةِ كما حُذفت من كلمون، وكما حذفت الألف من سُليمان.
وحدَّثني ابْنُ مجاهدٍ، عنْ السِّمَّرِيِّ، عنْ الفَرَّاء، قَالَ: فِي بعض مَصاحف عبدِ اللَّه «فَقُلَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا» بغير واوٍ، وهو خَطَأٌ، والقِراءَةُ «فَقُوْلَا».
وقرأ الباقون بالجَزْمِ: «وَأَكُنْ» وحذفُوا الواوَ واحتَجُّوا بأنّها كُتبت فِي مُصحفِ عُثمان الَّذِي يُقال لَهُ: الْإِمَام بغير واوٍ، فأمَّا جَزمه فبالنَّسَقِ عَلَى موضعِ الفاءِ قبل دخولها والأصلُ: هلَّا أخرتني أَصَّدَّقَ وأَكُنْ، أنشدَ:
فأبلوني بَلِيَّتِكُمْ لعلِّي ... أُصَالِحَكُمْ وأَستَدْرِجْ نويا
فجزم «استدرجْ» عطفًا عَلَى الموضع فِي: «أصالِحَكُمْ» قبل دخول لعلى، والأصل: فأبلوني بليْتكم أُصالِحْكُم، وأستَدْرجْ ومثلُه قولُ الآخر:
مُعَاوِيَ إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسْنَا بِالجِبَالِ وَلَا الحَدِيدَا
ولم يَختلف القُراء فِي إثبات الياء فِي «أخَّرْتَنِي» فِي وصلٍ ولا وقفٍ.
وقولُه تَعَالى: {وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُوْنَ} فِي آخر السورة.
قَرَأَ عاصمٌ فِي روايةِ أَبِي بكرٍ بالياء إخبارًا عنْ غيب والباقون بالتاء أي: أنتم وهم.