للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تَعَالى: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}.

قَرَأَ نافعٌ وحدَه: «لَيَزْلَقُونَكَ» بالفَتحِ من زَلَقَ يُزْلِقُ.

وقرأ الباقون: «لَيُزْلِقُوْنَكَ» بالضمّ، هما لغتان يقال: أزلقه، وزَلَقَهُ، وأَزْلَقَهُ: إذا أَصابَه بالعَين، يُقال: لَقَعَهُ بعينه، وعَاْنَهُ، وَزَلَقَهَ، وأَزْلَقَهُ، وأمَّا زَلَقَ الرَّجُلُ رَأْسَهُ: إذا حَلَقَهُ، فبغيرٍ ألفٍ.

وفيها قراءةٌ ثالثةٌ، قَرَأَ ابنُ عباسٍ: «لَيَزْهَقُوْنَكَ بِأَبْصَارِهِمْ» وكان الأصلُ فِي ذَلِكَ أنَّ العربَ كَانَ الرّجل منهم إذا أراد أن يعتان رجلًا تجوع لَهُ ثلاثًا، ثُمَّ يمر بالمال، فيقول ما أسمنَ هَذَا فتسقط‍ مِنْهُ الَأباعر، فأرادوا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل ذَلِكَ، فوقّاه اللَّه شرّهم، فلما أَتوه وقفُوا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: ما أَفْصحَ لهجته ما أَحسن بَيانه، فأَنزلَ اللَّه {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}.

وقولُه تَعَالى: {يَومَ يُكْشفُ عَنْ سَاقٍ}.

قَرَأَ ابن كثير وحده: «عنْ سأق» بالهمز، وَقَدْ ذكرت علّته فِي النمل وأنّما أعدتُ ذكره، لأن ابن مجاهد حدثني عن السمري، عن الفراء، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن ابْنُ عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ: «يَوْمَ تَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ» بالتاء أي: يوم القِيامة تَكشف عنْ أَمرٍ عَظِيمٍ، وأنشد:

كَشَفَتْ لَهْمْ عَنْ سَاقِهَا ... وَبَدا مِنَ الَأمْرِ البَرَاحُ

وقال الآخرُ:

فإِنْ شمّرت لَكَ عنْ ساقِهَا ... فَوَيْهًا رَبِيْعَ وَلَاْ تَسْأَمِ

يُقالُ: شمَّرت الحربُ عنْ ساقها، إذا اشتَدَّ الأمرُ وحميَ الوَطِيْسُ. وهذه اللَّفظة أعني: «الآن حَمِيَ الوَطِيْسُ» أول ما سَمِعْتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرب هوازن.

<<  <   >  >>