للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تَعَالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ}.

اتَّفق القراءُ السَّبعةُ عَلَى كسرِ الهمزةِ والباءِ، وإنما ذكرته؛ لأنَّ الأصمعيَّ ذكر عنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: «أَفَلَا تَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ» خفيفًا. وقال: يعني بِهِ البَعيرَ؛ لأنَّ فِيْ ذَلِكَ أعجوبةً إذ كَانَ يَبرك ليُحمل عَلَيْهِ، ثُمَّ ينهض، وليس شيءٌ من الحيوان يفعل ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو عَمْرٍو: مَنْ قرأها «إلى الِإبلِّ» بتشديد اللام فإن الِإبِلَّ السَّحابُ التي تَحمل الماءَ للمطرِ.

واتفقوا أيضًا عَلَى إسكان التَّاءِ فِيْ «كَيفَ خُلِقَتْ»، وإنَّما ذكرته لأنَّ عليًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رُوى عَنْهُ: «أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ»، اللَّه تَعَالى يُخبر عنْ نَفسه.

واتَّفقوا أيضًا عَلَى تَخفيف الطاءِ فِيْ «سُطِحَتْ» إلا هارون الرَّشيد، فإنه قَرَأَ «سُطِّحَتْ» بتشديد الطاء.

وقال أَبُو عَبْدِ اللَّه: أخذ هارون ذَلِكَ عنْ الْحَسَن فيما حَدَّثَنِي ابنُ مجاهدٍ أن ابْنُ رومي حدَّث، عن بكار، عن الحسن «سُطِّحَتْ» مشددةً.

وقرأ النَّاس كلهم: «إنَّا إلَيْنَا إيابهم» مصدر آب يئوب إيابًا، والِإيابُ:

الرجوعُ، إِلّا ما حَدَّثَنِي أَحْمَد، عن علي، عن أبي عبيد، أن أبا جَعفر المَدَنِيَّ قَرَأَ: «إنّ إلَيْنا إِيَّاْبَهُمْ» بالتَّشديدِ. وأهلُ العربية يضعِّفون ذَلِكَ، ولا وجهَ للتَّشديد عندهم وله عندي وَجْهٌ، تجعله مصدر أَوَّبَ إيَّابًا، كما قَالُوا: أرَّق إرَّاقًا وأنشد:

يَا عيد ما لك مِنْ شَوقٍ وإرَّاقِ ... وَمَرِّ طَيْفٍ عَلَى الَأهْوَالِ طرائق

فقلبت الواوُ ياءً فِيْ المصدر.

<<  <   >  >>