للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي الأمور التي ليس للعبد فيها اختيار؛ فإذا وقع عليه قضاء الله تعالى بالموت، أو الابتلاء بنقص المال ونحو ذلك، فهذا أمر لا اختيار للإنسان فيه، وهو لا يرغب أن يصاب به، لكن لو شاء الله سبحانه أن يقع هذا عليه- لحِكم يَعلمها- فما على العبد إلا الرضا والتسليم؛ قال جل وعلا: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].

والإنسان كما هو مُبتلى بالمصائب مُبتلى كذلك بالنِّعم امتحانًا من الله؛ قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥]، وقد بَيَّن سليمان ذلك بعد ما استقر عنده عرش ملكة سبأ، كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٤٠].

وعلى العبد أن يرضى ويُسَلِّم بما قَدَّر الله وقَسم من نعم بين خلقه، ويعلم أنَّ الخلق مقهورون مربوبون لله سبحانه؛ قال تعالى: ﴿قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير﴾ [آل عمران: ٢٦].

وقال : ﴿ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه﴾؛ قال علقمةُ بن قيس في تفسيرها: «هو الرجل تصيبه المصيبة؛ فيعلم أنها من عند الله فيَرضى ويُسَلِّم» (١).

وقال تعالى: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢٣/ ٤٢١).

<<  <   >  >>