للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ [الحديد: ٢٣، ٢٢]؛ فهذا أمر كوني قدري، وعلى الإنسان فيه أن يَرضى ويُسَلِّم.

وكما جاء في «الصحيحين» في قصة آدم وموسى ؛ فهل لام موسى آدمَ- على الذَّنْب أم لامه على المُصيبة؟

فالجواب: أنه لامه على المصيبة، أمَّا الذنب فقد تاب آدمُ منه، وتاب اللهُ عليه؛ قال تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ٣٧]، لكن موسى قد لامه على المصيبة؛ فاحتج آدم بالقدر؛ واحتجاجه بذلك صحيح.

وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : هل في محاجة آدم وموسى إقرارٌ للاحتجاج بالقدر؟

فأجاب بقوله: «هذا ليس احتجاجًا بالقضاء والقدر على فعل العبد ومعصية العبد، لكنه احتجاج بالقَدَر على المصيبة الناتجة مِنْ فعله، فهو من باب الاحتجاج بالقدر على المصائب لا على المعائب، ولهذا قال: «خَيَّبتنا وأخرجتنا ونفسَك من الجنَّة»، ولم يقل: عصيتَ رَبَّك؛ فأُخرجت من الجنة.

فاحتج آدمُ بالقدر على الخروج من الجنة الذي يَعتبره مُصيبة، والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به؛ أرأيت لو أنَّك سافرت سفرًا وحصل لك حادث، وقال لك إنسان: لماذا تسافر لو أنك بقيت في بيتك ما حصل لك شيء.

فستجيبه: بأنَّ هذا قضاء الله وقَدَره، أنا ما خرجت لأجل أن أُصاب بالحادث، وإنما خرجت لمصلحة؛ فأُصبت بالحادث.

كذلك آدم ، هل عصى الله لأجل أن يُخرجه من الجنة؟

<<  <   >  >>