فهؤلاء المتبعون لأهوائهم وأقيستهم الفاسدة أرادوا أن يقيسوا أذواقهم ومواجيدهم بطرقهم الفاسدة البعيدة عن الوحي- على المحبة الحقيقية التي جاء بها الشرعُ، فبالتالي ضلوا وأضلوا.
لذا قال المصنف:«وبحسب ما يحبه العبد ويهواه فكل محب له ذوق ووجد يحسب محبته وهواه»، وبالتالي يُنظر إلى ما أحبه العبد فإذا ما كان محبوبه موافقًا لهواه ومخالفًا لشرع الله؛ فهذا الذوق والوجد الذي يحصل له هو فرع عن ذاك الحب وذاك الهوى الذي مال إليه، وهو ذوق فاسد، ومحبة باطلة.
وأما أهل الإيمان المُقَدِّمين لأوامر الشرع على أهوائهم وشهواتهم- فإن لهم ذوقًا ووجدًا، والتعبير الصحيح: أن يقال: إنها محبة، فهذه المحبة تجعل من شعور الإنسان وجوارحه تبعًا لشرع الله ﷿.
فأهل الإيمان لهم من الذوق والوجد مثل ما بَيَّنه النبيُّ ﷺ بقوله في الحديث الصَّحيح:«ثَلَاثٌ مَنْ كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان)؛ فهناك حلاوة وأنس ولَذَّة يجدها العبد المؤمن بهذه الثلاث:
أولها: مَنْ كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما؛ فلا بد من تقديم محبة الله ومحبة رسوله ﷺ على محبة ما سواهما، والله ﷿ قد قال: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ [آل عمران: ٣١]؛ قال العلَّامةُ ابنُ كثير ﵀: «هذه الآية الكريمة حاكمة على كل مَنْ ادَّعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية؛ فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتَّبع الشرع المحمدي والدِّين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في «الصَّحيح» عن رسول الله ﷺ أنه قال: «مَنْ عَمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»(١)، ولهذا قال: ﴿قل إن