للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ [آل عمران: ٣١] أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم مِنْ محبتكم إيَّاه، وهو محبته إيَّاكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِبَّ، إنما الشأنُ أن تُحَبَّ. وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قومٌ أنهم يحبون الله؛ فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ [آل عمران: ٣١]» (١).

فعلامة محبة الله ﷿ ومحبة رسوله تظهر وتتضح بقدر عمل العبد واتباعه لأوامر الله وأوامر رسوله .

فإذا كانت محبة العبد لله ولرسوله أكثر من محبته لما سواهما، ودليل ذلك: اتباعه لأوامر الله ﷿ وأوامر رسوله ، وتقديمه لهما على ما سواهما؛ فهذه أول الأمور الثلاثة التي يجد بها العبد حلاوة الإيمان.

وعلى العبد إذا أراد العبد أن يختبر صدق محبته: أن ينظر إلى حاله مع الأوامر والنواهي، فإن كانت النفس تنشط وتسابق لفعل الخيرات وفعل الطاعات، ومن أعظمها أمر التوحيد وأمر الصلاة، فأمر الصلاة محك واختبار لصدق إيمان العيد؛ فإذا كان العبد حريصًا على الصلاة في وقتها ومع الجماعة؛ فذاك علامة من علامات أهل الإيمان، كيف لا والعبد يستيقظ- مثلًا- لصلاة الفجر، مع أن النوم في هذا الوقت ألذ ساعات النوم عند كل أحد، ومع ذلك يدافع النوم ويغالبه ويقوم وينشط لذكر الله ﷿ وأداء الصلاة، فإذا اجتمع مع هذا قيام الليل كان هذا زيادة في علامة محبة الله ﷿ ومحبة رسوله .


(١) «تفسير ابن كثير» (٢/ ٣٢).

<<  <   >  >>