للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تحب في الله، وإذا كرهت يجب أن تكره في الله، فكل ذلك تبع للأمر الأول؛ فقال بعد ذلك: «وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله»، فإذا أحببتَ أمرًا بعد هذا فإنه يجب أن يكون لله ﷿، ويجب أن يكون تبعًا لهذه المحبة، ويكون مرتبطًا بها، فاعلم هذا والزم هذا الأمر.

فإذا كان العبد متعلقًا بحبِّ الله وحبِّ رسوله ؛ فإنه لن يحب شيئًا إلا إذا كان حبه لله ﷿، ولذلك إذا كنت مشمرًا في الطاعات، ملتزمًا بسائر القربات- سواء كانت تلك الطاعات والقربات فرائض أو نوافل- فهذا علامة على أن هذا العبدَ محبٌّ لله ﷿ ولرسوله ؛ فصلة الأرحام والإحسان للجار وإكرام الضيف ونحو ذلك .. كل هذه الأمور إذا فعلها الإنسان بقصد تحقيق محابِّ الله ﷿ ومراضيه، فإن في هذا علامة صدق على أنه أحب هذا الشيء لله ﷿.

وهكذا الأمر الثالث: (كراهية ما يضاد محاب الله)، ومثاله: أن يكره العبد يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى في النار، فالمؤمن مبغضٌ للكفر، ومبغضٌ لأنواع المعاصي والذنوب، لأنَّ الإيمانَ شُعُبٌ، كما أنَّ الكفرَ شُعُبٌ، فكل طاعة هي شعبة من شُعُب الإيمان، وكل معصية هي شعبة من شعب الكفر.

فعلى العبد أن ينظر لحاله مع المعاصي؛ فإن ركن إليها واطمأن بها وارتاحت نفسه إليها، فليعلم أنَّ هناك خللًا في إيمانه، وسيفقد من حلاوة الإيمان بقدر ذلك الخلل، وإن كان يكرهها كما يكره أن يلقى في النار؛ فليعلم أن هذا من علامات الإيمان.

وهذا هو الذوق والوجد الحقيقي، وهو الذوق والوجد الإيماني، الذي يُحَبِّب إلى النفس كلَّ طاعة من الطاعات، ويُكَرِّه

<<  <   >  >>