ثم يقولون بعد ذلك: نحن في هذا المجتمع استطعنا أن ننصر كذا وكذا.
فقل أن يخرج مسلم من دينه إذا كان على علم به؛ فالذي يذوق طعم الإيمان لا يفرط فيه أبدًا، لأنه لن يجدها أبدًا في الكفر.
فهناك حلاوة، وهناك لذة، وهناك أُنس، وهناك سعادة- لكن لا يُمكن أن تنال إلا من طريق اتِّباع الشَّرع، أمَّا البحث عنها من طريق آخر فليس إلا خبال وضلال واستدراج من الشيطان وتلاعب، ولذلك قال المصنف:«وأمَّا أهل الكفر والبدع والشهوات فكلٌّ بِحَسَبه»، فأهل الكفر لهم ذوقهم ولهم وجدهم؛ لكن هذا الوجد وهذا الذوق ظلمة وحسرة وندامة يجدونها في أنفسهم في هذا الأمر.
ومن ذلك ما حكاه أهل الكلام دليلًا على حيرتهم وضلالهم؛ فيقول بعض رؤسائهم، وهو الرَّازي:
فحيرة وضلال وتهوك لدى أهل الكلام، وهكذا لدى أهل التصوف، فكل بحسب حال ذوقه ووجده؛ لكن هذا الذوق وهذا الوجد مثل ما يكون لشارب الخَمر؛ وهو في الحقيقة نوع من خداع النفس؛ يجده للحظات، ثم بعدها يفتقده ويعقبه حسرة وظلمة
(١) نقل هذه الأقوالَ المصنفُ في «الفتوى الحموية» (١٩١، ١٩٢).