للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم؛ إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم. قال: وهم كفار عندي بهذه الأوضاع؛ مثل: تعظيم القبور … » (١).

ثم قال المصنف: «فعبَّاد الأَصْنَام يحبونَ آلِهَتهم؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ومن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحبِّ الله والَّذين آمنُوا أَشد حبًّا لله﴾ [البقرة: ١٦٥]، وقال: ﴿فَإِنْ لم يَسْتَجِيبُوا لَك فَاعْلَم أَنما يتبعُون أهواءهم ومن أضلّ مِمَّنْ اتبع هَواهُ بِغَيْر هدى من الله﴾ [القصص: ٥٠]، وقال: ﴿إِنْ يتبعُون إِلَّا الظَّن ومَا تهوى الأَنْفس ولَقَد جَاءَهُم من رَبهم الهدى﴾ [٢٣ النجم]».

وهنا بَيَّن المصنف أنَّ عُبَّاد الأصنام يحبون تلك الآلهة، ولهم ذوق ووجد وخضوع تجاهها؛ ولكنه خضوع فاسد وباطل، فالإنسان يرى في أحوال الناس أن الإنسان يسير إلى مَهلكة، ويعرف أن نتيجته الهلاك، لكن هو في عمى وفي صمم عن سماع أي نصيحة؛ لأن حب هذا الشيء تمَلَّك قلبه، فلم يَعد يقيس هذه الأمور بمقياس صحيح، بل صار قياسه فاسدًا، وترتب عليه حب الذات، وهو حب فاسد، كحبِّ عُبَّاد الآلهة لها، وكحبِّ صاحب الشهوة لشهوته، وكحب صاحب البدعة لبِدعته.

فمن ثبت على الحقِّ وأصبح مقياسه هو طريق الحق- أصبح في الذوق والوجد والمحبة الحقيقية، ومن كان منحرفًا إلى كفر أو بدعة أو إلى شهوة فقد انحرف في حبِّه وذوقه ووجده إلى أمر فاسد، ولذلك قال الله عن هؤلاء: ﴿فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم﴾ [القصص: ٥٠]؛ فأصبح الهوى حاجرًا ومانعًا وسدًّا عن


(١) انظر: «تلبيس إبليس» لابن الجوزي (ص ٣٥٤).

<<  <   >  >>