قبول الحق، ثم قال: ﴿ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله﴾ [القصص: ٥٠]؛ فغاية الضلال أن يكون الإنسان متبعًا لهواه، فهذا الاتباع للهوى سيضله وسيبعده عن طريق الهدى؛ قال تعالى: ﴿إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس﴾ [النجم: ٢٣]؛ فالظن هنا إشارة إلى القياس الفاسد، ﴿وما تهوى الأنفس﴾ [النجم: ٢٣]: إشارة إلى اتباع الهوى؛ فالعبد أمامه عدوان: ظن وقياس فاسد، وهوى متبع، فإذا سَلَّمه الله من هذين، وجعل قياسه مبنيًا على كلام الله وكلام رسوله ﷺ فقد نجا، وإذا كان هواه وأمره تابعًا لأوامر الله ﷿ فقد نجا.
أما إذا ترك شرع الله ﷿، ثم سار وَفْق هوى نفسه؛ فليعلم أنه على مهلكة، وكذلك إذا كان على غير علم بكلام الله وكلام رسوله ﷺ؛ فسيستبدل هذا بظنٍّ فاسد، وإذا لم يكن على معرفة بالحق سيستبدل الحق بالباطل.
فحذرنا الله من هذه الحال؛ فلا يُظن أن هذا فقط حكاية وخبر عن الأوائل، وإنما هي أسباب الهلاك في كل زمان.
ولهذا يميل هؤلاء- بسبب الظن الفاسد واتباع الهوى- ويُغرمون بسماع الشعر والأصوات التي تُهَيِّج المحبة المطلقة.
والسماع نوعان: سماع قرآني، وسماع شيطاني.
فإذا نظرت إلى مجالس هؤلاء وموالدهم- تجدهم يستمعون لأشعار فيها من البدع وفيها من الكفر وفيها من الشرك والضلال ما الله به عليم؛ فاستعاضوا واستبدلوا بسماع كلام الله ﷿ ومدارسته في المساجد- هذا السماع الشيطاني، الذي قد يجتمع معهم فيه النِّسوان والمُردان (١)، فيحدث الاختلاط، ويتبعه أمور منكرة
(١) جمع أمرد، والأمرد: هو الغلام الحَسَن الذي لم تَنبت لحيتُه بعد.