للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٢١ البَقَرَة]، قَالَ: «يُحِلُّون حَلَاله ويُحَرِّمون حَرَامه، ويُؤمنون بمتشابهه ويعملون بمُحكمه» (١).

فاتِّباع الكتاب يتَنَاول الصَّلَاة وغَيرهَا، لَكِن خَصَّها بِالذِّكر لمزيتها. وكَذَلِكَ قَوْله لمُوسَى: ﴿إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني وأقم الصَّلَاة لذكري﴾ [طه: ١٤]، وإِقَامَة الصَّلَاة لذكره مِنْ أَجَلِّ عِبَادَته، وكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿اتَّقوا الله وقُولُوا قولا سديدًا﴾ [الأحزاب: ٧٠]، وقوله: ﴿اتَّقوا الله وابتغوا إِلَيْهِ الوسِيلَة﴾ [المائدة: ٣٥]، وقَوله: ﴿اتَّقوا الله وكُونُوا مَعَ الصَّادِقين﴾ [التوبة: ١٠٩]؛ فَإِنْ هَذِه الأُمُورَ هِيَ- أَيْضًا- مِنْ تَمام تقوى الله، وكَذَلِكَ قَوْله: ﴿فاعبده وتوكل عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣]، فَإِنْ التَّوكُّل هُو الاسْتِعَانَة، وهِي من عبَادَة الله، لَكِن خُصَّت بِالذِّكر؛ ليَقصدها المتعبد بخصوصها، فَإِنَّها هِيَ العونُ على سَائِر أَنْواع العِبَادَة؛ إِذْ هُو- سُبْحَانَهُ- لَا يُعبد إِلَّا بِمَعونته».

ذكر المصنف هذه المسألة، وهي أنها: إن قيل: فإذا كان جميع ما يحبُّه الله داخلًا في اسم العبادة؛ فلماذا عطف عَلَيْهَا غَيرهَا، كَقَوْلِه فِي فَاتِحَة الكتاب: ﴿إياك نعْبد وإِيَّاك نستعين﴾ [الفاتحة: ٥]، فعطفت الاستعانة على العبادة، فإذا كانت الاستعانة من العبادة فلماذا حصل العطف؟ والأصل أن العطف يقتضي المغايرة، وذكر المصنف هنا أمثلة عُطفت فيها أمور داخلة في العبادة عليها؛ كقول الله تعالى لنبيه : ﴿فاعبده وتوكل عليه﴾ [هود: ١٢٣]، حيث


(١) أخرجه الطبري في «تفسير» (٢/ ٥٦٩) من قول الحسن وقتادة، ثم ذكر أن ابن مسعود كان يقول: «إنَّ حَقَّ تلاوته: أن يُحِلَّ حلالَه، ويُحَرِّم حرَامه، وأن يَقرأه كما أنزله الله ﷿، ولا يُحَرِّفه عن مواضعه».

<<  <   >  >>