للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكونية فِي كلِّ الموجودات.

أما لَو قَالَ مُؤمن بِاللَّه وكتبه ورُسُله هَذِه المقَالة، فَإِنَّهُ يقْصد الإِرَادَة الدِّينِيَّة الشَّرْعِيَّة الَّتِي هِيَ بِمَعْنى: محبته ورضَاهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: تحرق من القلب مَا سوى المحبوب لله. وهَذَا معنى صَحِيح، فَإِنْ من تَمام الحبّ لله: أَلا يحب إِلَّا مَا يُحِبهُ الله، فَإِذا أَحْبَبْت مَا لَا يحب كَانَتْ المحبَّة نَاقِصَة. وأما قَضَاؤُهُ وقدره فَهُو يُبغضه ويكرهه ويسخطه وينْهى عَنهُ، فَإِنْ لم أوافقه فِي بغضه وكراهته وسخطه لم أكن محبًّا لَهُ، بل محبًّا لما يبغضه».

إنَّ كثيرًا ممن يَدَّعي المحبة يخرج عن شريعة النبي وسنته وهديه، ويَدَّعي من الخيالات والأوهام ما يثير الدهشة والشفقة عليهم، حتى يظن أحدهم سقوط التكليف عنه وتحليل الحرام له، وكثير من الضالين الذين اتبعوا أشياء مبتدعة من الزهد والعبادة على غير علم ولا نور من الكتاب والسنة وقعوا فيما وقع فيه النصارى من دعوى المحبة لله، مع مخالفة شريعته وترك المجاهدة في سبيله ونحو ذلك.

فالاقتصار على جانب المحبة لا يُسَمَّى عبادة، بل قد يَؤول بصاحبه إلى الضلال بالخروج عن الدين، والصوفية وأشباههم- في الغالب- لا يرجعون في دينهم وعبادتهم إلى الكتاب والسنة، وإنما يَرجعون إلى أذواقهم وما يدلهم عليهم شيوخهم من الطرق المبتدعة والأوراد البدعية، بل وأحيانًا الشركية، ويكثرون من الاستدلال بالحكايات والمنامات والأحاديث الموضوعة لإثبات صحة ما هم عليه.

<<  <   >  >>