وأمَّا إِبْرَاهِيم وآل إِبْرَاهِيم الحنفاء من الأَنْبِيَاء والمُؤمنِينَ بهم، فهم يعلمُونَ أَنه لَا بُد من الفرق بَين الخَالِق والمخلوق، ولَا بُد من الفرق بَين الطَّاعَة والمَعْصِيَة، وأَن العَبْد كلما ازْدَادَ تَحْقِيقًا لهَذَا الفرق- ازدادت محبته لله وعبوديته لَهُ وطاعته لَهُ وإعراضه عَنْ عبَادَة غَيره ومحبة غَيره وطَاعَة غَيره».
كثيرًا ما يخالط النفوس من الشهوات الخفية؛ كحب الظهور والمراءاة بالعمل- ما يُفسد عليها تحقيق محبتها لله، وعبوديتها له، وإخلاص دينها له.
وكذلك الحرص على المال والحرص على الشرف يفسدان دين المرء، كالذِّئبين الجائعين المُرْسَليْن في زريبة غنم، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يحرص على السلامة من هاتين الآفتين كحرص صاحب الغنم على حفظهم من الذئاب، والذِّئب لا يَسلم منه الراعي ولا يأمن منه على غنمه إلا بغاية الاحتراز والتحفظ والمراقبة، والبعد عنه، وجعل الحواجز بين غَنَمِه وبينه.
فمدار الأمر على القلب: إذا أقامه الإنسان على الجادة صلح، وإذا أهمل إصلاحه وغفل عنه فسد أمره في الدنيا والآخرة، وهذا يُوجب تمام العناية بالقلب تطهيرًا وتزكيةً وإصلاحًا وتهذيبًا، فإنه