والخَوْف مِنْهُ والرجاء لَهُ والموالاة فِيهِ والمعاداة فِيهِ والطَّاعَة لأَمره، وأمثال ذَلِك مِمَّا هُو من خَصَائِص إلهيَّة الله ﷾».
أجمع أهل السنة والجماعة واتفق سلف الأمة وأئمتها، ولا خلاف بين الأمم: أن الله- جل وعلا- بائن من خلقه ﷾، ليس فيه شيء من خلقه، ولا في خلقه شيء منه، إلا مَنْ انحرف عن سبيل الأنبياء والمرسلين من النصارى ومَن شابههم من أهل الحلول والاتحاد الذين جعلوا الله -جل وعلا- يحلُّ في المخلوقات، أو تحل فيه بعض المخلوقات.
وهؤلاء المشايخ قد تكلموا على ما يَعرض للقلوب من الأمراض والشبهات، فإن بعض الناس قد يشهد وجود المخلوقات، فيظنه خالق الأرض والسماوات؛ لعدم التمييز والفرقان في قلبه، بمنزلة من رأى شعاع الشمس فظن أن ذلك هو الشمس التي في السماء، فيشتبه على هؤلاء هذا الكلام، وهم في أصل قولهم أهل فساد، وإلا لما اشتبه عليهم هذا الاشتباه الذي لا يقوله أحد، ولا يُقره عقل، ولا يعتقده قلب سليم، ولا يؤمن به من شَمَّ رائحة العلم الصحيح القائم على الكتاب والسنة، لكن ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥].
وقول المصنف:«فإذا انتقل إلى الجمع اجتمع قلبه على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، فالتفت قلبه إلى الله بعد التفاته إلى المخلوقين»، المراد بالجمع هنا: أن يجمع قلبه على أن الخير كله في يد الله ﷿، وأنه ما مِنْ فَضل ولا بِر ولا إحسان ولا نعمة ولا رحمة تصل إليه إلا من قِبَل الله ﷾، ويَغيب بهذا عن الأسباب