للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَالقَوْل لَا يُحْكى بِهِ إِلَّا كَلَام تَام، أَوْ جملَة اسمية، أَوْ جملَة فعلية، ولِهَذَا يكسرون (إِنْ) إِذا جَاءَت بعد القَوْل، فَالقَوْل لَا يُحْكى بِهِ اسْمٌ؛ والله تَعَالَى لَا يَأْمر أحدًا بِذكر اسْم مُفْرد، ولَا شرع للمُسلمين.

والِاسْم المُجَرَّد لَا يُفِيد شَيْئًا مِنْ الإِيمَان بِاتِّفَاق أهل الإِسْلَام، ولَا يُؤمر بِهِ فِي شَيْء من العِبَادَات، ولَا فِي شَيْء من المُخاطبات.

ونَظِير من اقْتصر على الِاسْم المُفْرد مَا يُذكر: أَنْ بعضَ الأَعْرَاب مَرَّ بمؤذن يَقُول: (أشهدُ أَنْ مُحَمَّدًا رسولَ الله) بِالنَّصب! فَقَالَ: مَاذَا يَقُول هَذَا؟ هَذَا الِاسْم، فَأَيْنَ الخَبَرُ عَنهُ الَّذِي يتمُّ بِهِ الكَلَام؟

ومَا فِي القُرْآن من قَوْله: ﴿واذْكُر اسْم رَبك وتبتل إِلَيْهِ تبتيلًا﴾ [المزمل: ٨]، وقَوله: ﴿سبح اسْم رَبك الأَعْلَى﴾ [الأَعْلَى: ١]، وقَوله: ﴿قد أَفْلح من تزكَّى * وذكر اسْم ربه فصلى﴾ [الأَعْلَى: ١٤، ١٥]، وقَوله: ﴿فسبح باسم رَبك العَظِيم﴾ [الواقِعَة: ٧٤]، ونَحْو ذَلِك لَا يقتضى ذكره مُفردًا.

بل فِي " السُّنَن» أَنه لما نزل قَوْلُه: ﴿فسبح باسم رَبك العَظِيم﴾ قَالَ: «اجْعَلُوهَا فِي ركوعكم»، ولما نزل قَوْلُه: ﴿سبح اسْم رَبك الأَعْلَى﴾ قَالَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ» (١). فشرع لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا فِي الرُّكُوع: (سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيم)، وفِي السُّجُود: (سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى). وفِي «الصَّحيح» أَنه كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه: «سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيم»، وفِي سُجُوده: «سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى» (٢)، وهَذَا هُو معنى قَوْله: «اجْعَلُوهَا فِي ركوعكم وسجودكم» بِاتِّفَاق المُسلمين.

فتسبيح اسْمِ ربِّه الأَعْلَى وذكر اسْمِ ربه ونَحْو ذَلِك هُو بالكلَام


(١) أخرجه الدارمي (١٣٤٤) وأبو داود (٨٦٩) من حديث عقبة بن عامر ?، وحسنه الألباني في «المشكاة» (٨٧٩).
(٢) أخرجه مسلم (٧٧٢) من حديث حذيفة ?.

<<  <   >  >>