للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الغرام فيقول ابنُ القيم: «وأمَّا الغرام فهو الحب اللازم، يقال: رجل مُغرم بالحب، أي: قد لَزِمه الحبُّ، وأصل المادة من اللزوم، ومنه قولهم: رجل مُغرم من الغُرم أو الدَّيْن؛ قال في «الصِّحاح»: والغَرام: الولوع، وقد أغرم بالشيء، أي: أولع به. والغريم: الذي عليه الدَّيْنُ، يقال: خذ من غَريم السوء ما سَنح، ويكون الغريم أيضًا: الذي له الدين؛ قال كُثَيِّر عَزَّة:

قضى كُلُّ ذي دَيْن فوفَّى غَرِيمَه … وعَزَّة مَمطولٌ مُعَنّى غَريمها

ومن المادة: قوله تعالى في جهنم: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ [الفرقان: ٦٥]، والغرام: الشَّر الدائم اللازم والعذاب؛ قال بشر:

ويوم النِّسار ويوم الجِفا … رِ كانا عذابًا وكانا غَراما

وقال الأعشى:

إن يعاقب يكن غرامًا وإن يع … طِ جزيلًا فإنه لا يبالي

وقال أبو عبيدة: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ [الفرقان: ٦٥]: كان هلاكًا ولِزامًا لهم.

وللطف المحبة عندهم واستعذابهم لها لم يكادوا يُطلقون عليها لفظ الغرام، وإن لهج به المتأخرون» (١).

وأمَّا العشق فيقول ابن القيم: «العشق فهو أَمَرُّ هذه الأسماء وأخبَثُها، وقَلَّ ما وَلعت به العربُ، وكأنهم ستروا اسمه، وكَنُّوا عنه بهذه الأسماء؛ فلم يكادوا يفصحوا به، ولا تكاد تجده في شعرهم القديم، وإنَّما أولع به المتأخرون، ولم يقع هذا اللفظ في القرآن ولا في السنة إلَّا في حديث سويد بن سعيد وسنتكلم عليه إن شاء الله


(١) «روضة المحبين» (١/ ٤٩، ٥٠).

<<  <   >  >>