للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى، وبعدُ فقد استعملوه في كلامهم؛ قال الشاعر:

وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا … سوى أن يقولوا: إنني لك عاشق

نعم، صدق الواشون أنت حبيبة … إليَّ وإن لم تصف منك الخلائق

قال في «الصِّحاح»: العشق: فرط الحب، وقد عشقها عشقًا؛ مثل علم علمًا …

ورجل عشيق مثل فَسيق، أي: كثير العشق. والتعشق: تكلف العشق؛ قال الفراء: يقولون: امرأة محب لزوجها وعاشق. وقال ابن سِيدة: العشق: عجب المحب بالمحبوب؛ يكون في عفاف الحب ودَعارته؛ يعني: في العفة والفجور …

وقد اختلف الناسُ: هل يُطلق هذا الاسم في حقِّ الله تعالى؟

فقالت طائفة من الصوفية: لا بأس بإطلاقه، وذكروا فيه أثرًا لا يَثبت، وفيه: «فإذا فعل ذلك عَشقني وعشقتُه».

وقال جمهور الناس: لا يُطلق ذلك في حقِّه ؛ فلا يُقال: إنه يَعشق، ولا يقال: عشقه عبدُه.

ثم اختلفوا في سبب المنع على ثلاثة أقوال:

أحدها: عدم التوقيف بخلاف المحبة.

الثاني: أن العشق إفراط المحبة، ولا يمكن ذلك في حقِّ الرب تعالى؛ فإنَّ الله تعالى لا يُوصف بالإفراط في الشيء، ولا يبلغ عبده ما يستحقه من حبِّه؛ فضلًا أن يقال: أفرط في حبه.

الثالث: أنَّه مأخوذ من التغير؛ لأنه قيل: هو مأخوذ من شجرة يقال لها: عاشقة تخضَّر ثم تدق وتصفَّر، ولا يُطلق ذلك على الله » (١).


(١) «روضة المحبين» (١/ ٢٧ - ٢٩) باختصار.

<<  <   >  >>