للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقولوا: (حاب)، واقتصروا على اسم المفعول من (حَبَّ) فقالوا: (محبوب)، ولم يقولوا: (مُحَب) إلَّا قليلًا، كما قال الشاعر:

ولقد نزلتِ فلا تَظُنِّي غيرَه … مِنِّي بمنزلة المُحبِّ المُكرم (١)

يقول: وقد نزلتِ من قلبي منزلة مَنْ يحب ويُكرم؛ فتَيقَّني هذا واعلميه قطعًا ولا تَظُنِّي غيره (٢).

وأعطوا (الحب) حركة الضَّم التي هي أشدُّ الحركات وأقواها، مطابقة لِشِدَّة حركة مُسَمَّاه وقُوَّتها.

وأعطوا (الحِب) - وهو المحبوب- حركة الكسر؛ لخفتها عن الضمة وخفة المحبوب، وخِفَّة ذِكره على قلوبهم وألسنتهم …

فتأمل هذا اللطف والمُطابقة والمناسبة العجيبة بين الألفاظ والمعاني تُطلعك على قَدر هذه اللغة، وأنَّ لها شأنًا ليس لسائر اللغات (٣).

ب- الحدُّ الاصطلاحي للمحبة:

قال الحافظ ابنُ حَجَر : «وحقيقةُ المحبة- عند أهل المعرفة- مِنْ المعلومات التي لا تُحَدُّ، وإنما يعرفها مَنْ قامت به وجدانًا، ولا يمكن التعبير عنها» (٤).

وقال ابن القيم: «لا تُحَدُّ المحبةُ بحدٍّ أوضح منها؛ فالحدود لا تَزيدها إلا خفاء وجفاء، فحدُّها وجودها. ولا تُوصف المحبة بوصف


(١) البيت لعنترة بن شداد. انظر: «معلقته».
(٢) «شرح المعلقات السبع» للزوزني (ص ٢٤٧)، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م.
(٣) انظر: «مدارج السالكين» (٣/ ١٢، ١٣).
(٤) «فتح الباري» (١/ ٤٦٣).

<<  <   >  >>