للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله؛ كالحلف بالكعبة، والأنبياء والأمانة وحياة فلان، وبشرف فلان ونحو ذلك، فهذا من الشرك الأصغر؛ لما ثبت في «المسند» بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب ? عن النبي أنه قال: «مَنْ حلفَ بشيء دون الله فقد أشرك» (١).

فاتضح بهذا أن الشرك شركان: أكبر، وأصغر، وكل منهما يكون خفيًّا؛ كشرك المنافقين .. وهو أكبر، ويكون خفيًّا أصغر؛ كالذي يقوم يرائي في صلاته أو صَدقته أو دعائه لله، أو دعوته إلى الله أو أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو نحو ذلك.

فالواجب على كل مؤمن: أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن هذه الأنواع، ولا سيما الشرك الأكبر، فإنَّه أعظم ذنبٍ عُصي الله به، وأعظم جريمة وقع فيها الخلق، وهو الذي قال الله فيه: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ٨٨]، وقال فيه سبحانه وبحمده: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ﴾ [المائدة: ٧٢]، وقال فيه سبحانه أيضًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].

فمن مات عليه فهو من أهل النار جزمًا، والجنة عليه حرام، وهو مخلد في النار أبد الآباد؛ نعوذ بالله من ذلك.

أما الشرك الأصغر فهو أكبر من الكبائر، وصاحبه على خطر عظيم، لكن قد يُمحى عن صاحبه برجحان الحسنات، وقد يُعاقب عليه ببعض العقوبات؛ لكن لا يُخَلَّد في النار خُلود الكفار، فليس هو مما يُوجب الخلود في النار، وليس مما يحبط الأعمال، ولكن يحبط العمل الذي قارنه.


(١) «مسند أحمد بن حنبل» (١/ ٤٧).

<<  <   >  >>