للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرًا غير مجذوذ (١)، لترقى إلى درجات الكمال، فيجري في عروقك دم الشهامة (٢) والركض في ميدان العلم والعمل، فلا يراك الناس واقفًا إلا على أبواب الفضائل، ولا باسطًا يديك إلا لمهمات الأمور.

والتحلي بها يسلب منك سفاسف الآمال والأعمال، ويجتثُّ منك شجرة الذل والهوان والتملق والمداهنة (٣)، فكبير الهمة ثابت الجأش، لا ترهبه المواقف، وفاقدها جبان رعديد، تغلق فمه الفهامة (٤).

(١) قوله: "كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرًا غير مجذوذ"، يعني: غير مقطوع وغير منقطع.

(٢) قوله: "لترقى إلى درجات الكمال، فيجري في عروقك دم الشهامة"، أي: يجعلك تواظب وتبذل من نفسك في ميدان العلم والعمل، فحينئذ تصبح ممن قصر نفسه على أفضل الأعمال، ولا يجعلك تتوجه إلى الأمور التَّوافه، ولا تشغل وقتك بما لا تنتفع به.

(٣) قوله: "التحلّي بها يسلب من سفاسف الآمال .. "، التحلي بكبر الهمَّة يبعد عنك الأمور التي لا قيمة لها من الآمال والأعمال، فسفاسف الآمال والأعمال بعيدة عنك، وكِبَر الهمة يُبعِدُ عنك شجرة الذل والهوان؛ لأنه يجعلك تمضي في الحق والخير ويبعد عنك التملق والمداهنة؛ لأنك قد لاحظت رب العزة والجلال فلن يؤثر فيك مطالعة الناس لعملك.

(٤) قوله: "فكبير الهمة ثابت الجأش"، بحيث يكون قويًا شديدًا، لا ترهقه أدنى حركة، فسماع الأصوات ومشاهدة الأشخاص لا تجعله يتزعزع عن موقفه، ففاقد كبر الهمة تجده يخاف من كل صوت وأدنى رعدة تجعله يبعد عما يقصده من الخير ومن العمل الصالح، بل صغر الهمة يجعل الإنسان لا يتمكن من الكلام لمجرد أدنى كلمة تقال فيه.

<<  <   >  >>