أمرها ببيان النبي ﷺ الموقف منها، ونشر العلماء القول فيها، أما الجديدة المتسرِّبة إلى الفكر الإسلامي في أعقاب الثورة الحضارية، واتصال العالم بعضه ببعض، وكبح المد الإسلامي، فهي شر محض، وبلاء متدفق، وقد أخذت بعض المسلمين عنها سنة، وخفض الجناح لها آخرون، فاحذر أن تقع فيها. وفى الله المسلمين شَرَّهَا.
(٦٤) احذر الجدل البيزنطي (١):
أي الجدل العقيم، أو الضئيل، فقد كان البيزنطيون يتحاورون في جنس الملائكة والعدو على أبواب بلدتهم حتى داهمهم.
وهكذا الجدل الضئيل يصد عن السبيل.
وهدي السلف: الكف عن كثرة الخصام والجدال، وأن التوسع فيه من قلةِ الوَرَع، كما قال الحسن إذ سمع قومًا يتجادلون:"هؤلاء مَلّوا العبادة، وخف عليهم القول، وقَلَّ ورعُهم، فتكلموا"، رواه أحمد في "الزهد"، وأبو نعيم في "الحلية".
(١) قوله: "احذر الجدل البيزنطي"، مما يتعلق بهذا: أن نجتنب الكلام في المسائل التي لا فائدة فيها، وهنا قاعدة، وهي أن المسائل التي لا يترتب عليها عمل، لا تحرص على الترجيح فيها، اعرف الأقوال وشيئًا من الأدلة واكتف بذلك منها، ولا تتعب نفسك فيها، مثلًا: هل جنة آدم هي الجنة المعهودة أو جنة على الأرض؟ ما الثمرة من بحث ذلك وما الفائدة؟ أيهما أرجح وأفضل: الملائكة أو بنو آدم؟ ما ثمرتنا مِنْ هذا المسألة؟ ونحو هذا من المسائل.