بما أن العِلْمَ لا يؤخذ ابتداءً من الكتب، بل لا بد من شيخ تُتْقِنُ عليه مفاتيح الطلب؛ لتأمن مِنَ العَثَار والزَّلَل، فعليك إذن بالتحلي برعاية حرمته، فإن ذلك عنوان النجاح والفلاح والتحصيل والتوفيق، فليكن شيخك محلّ إجلال منك (٢) وإكرام وتقدير وتلطف (٣)، فخذ بمجامع
(١) هذا نوع آخر من آداب طالب العلم، وهو من أدب الطالب مع شيخه، وقد تقدم معنا قسمان: أدب الطالب فيما يتعلق بنفسه، والثاني الآداب المتعلقة بكيفية الطلب والتلقي، الأول من آداب الطالب مع شيخه، حسن اختيار الشيخ؛ ويختار الإنسان الشيخ المتقن؛ ليَأمَن مِنَ العثَار، ويأمن من الزَّلل، ولا بد لطالب العلم من شيخ يتعلم منه الأدب الحسن والسمت الصالح، ويفتح له أبواب العلم بذكر مآخذ المسائل وعللها، ويزيل الشبهات، ويجيب عما يشكل، ويتعلم منه طريقة التدريس، وكيفية نطق المصطلحات العلمية، والأدب الثاني من آداب الطالب مع شيخه: رعاية حرمة الشيخ؛ وذلك لأن الله - جل وعلا - رفع من شأن المعلمين، وهذا معلِّم، ثم إنه يعلمك، فقد استفدت منه علمًا، فهو صاحب فضل عليك، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله، ثم الأمر الآخر أن الشيخ يبث العلم، فعندما تحفظ حرمته وتراعى يكون ذلك سببًا من أسباب تلقي العلم عنه، فإذا لم تراعَ حرمته، وتم احتقاره أو إهماله لم يعرفه الناس، ولم يأخذوا من علمه.
(٢) قوله: "فليكن شيخك محلّ إجلال منك"، يعني تقدير واحترام.
(٣) قوله: "وإكرام وتقدير وتلطف"، التقدير معرفة المقدار، والتلطف يعني تسهيل النَّفْس عند مقابلته، ويكون هذا في طريقة الجلوس، وفي طريقة الحديث، وفي اختيار =