(١) الأدب الثلاثون من آداب طالب العلم: التفقه في تخريج الفروع على الأصول، فالمراد بالفقه: الفهم الدقيق الذي يُمكنك من استخراج الأحكام من الأدلة، هذا هو الفقه، وهو من أجلِّ العبادات، وحاجة الأمة إليه من أعظم الحاجات، وقد رغَّب الله ﷿ في ذلك في قوله سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].
وأمر الله ﷿ بالرجوع إلى هذا الصنف، وهم الفقهاء الذين يستنبطون الأحكام من الأدلة، لقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣]، يعني: يستخرجون الحكم من الأدلة، وهذا هو الفقه.
جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال:(من يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)[١]، ولفظة الفقه تطلق على اصطلاحات متعددة:
أولها: الاصطلاح الشرعي، حيث يُرَادُ بالفقه: معرفة الأحكام والقدرة على استخراجها من الأدلة، سواء كانت أحكامًا عقدية، أو أحكامًا عَمَليَّة، بحيث يشمل العقيدة، ويشمل علم الفروع، ويشمل التفسير، ويشمل فهم الحديث، فإن هذا كله يسمى فقهًا في الاصطلاح الشرعي.
الثاني: من إطلاقات الفقه القدرة على استخراج الأحكام من الأدلة التي يسمونها الملكة.
الثالث: إطلاق اسم الفقه على الأحكام العملية، وهذا هو الغالب على عمل المؤلفين، إذا قالوا: كتب الفقه، فالمراد بها الأحكام العملية، وهناك طائفة خصوه بالأحكام.