إذا ظفرت بوهم لعالم، فلا تفرح به للحطِّ مِنْهُ، ولكن افرح به لتصحيح المسألة فقط، فإن المنصف يكاد يجزم بأنه ما من إمام إلا وله أغلاط وأوهام، لاسيما المكثرين منهم.
وما يُشغِّب بهذا ويفرح به للتنقص إلا متعالم "يريد أن يُطِبَّ زكامًا فيحدث به جذامًا"، الزكام معروف، فبعض الناس يريد أن يعالج الزكام فيوقع مرضًا أشد منه كالجذام، ومثله من يفرخ بأخطاء الآخرين فيتكلم فيهم.
نعم، يُنبه على خطأ أو وهم وقع لإمام غُمِرَ في بحر عِلْمِهِ وفَضْلِه، لكن لا يثير الرَّهَجَ عليه بالتنقص منه والحط عليه؛ فيَغْتَرّ به من هو مثله.
(٦٠) دفع الشبهات (٢):
لا تجعل قلبك كالسِّفِنْجَة تتلقى ما يرد عليها، فاجتنب إثارة الشبه وإيرادها على نَفْسِكَ أو غيرك، فالشبه خَطَّافَة، والقلوب ضعيفة، وأكثر ما يلقيها حمالة الحطب - المبتدعة - فَتَوَقَّهُم.
(١) قوله: "موقفك من وهم من سبقك"، إذا وجدنا وهمًا أو خطأً لبعض أهل العلم لا ينبغي أن نبادر فيه وأن نعلنه وأن نشهره، رغبة في إشهار أنفسنا، وإنما نحاول تصحيح الأمر بما نستطيع بما يكون مُظهرًا للعلم ومبينًا للحق، وبما لا يكون منقصًا لمقدار ذلك العالم، فإنه ما من أحد إلا يحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
(٢) قوله: "دفع الشبهات"، كذلك من المحاذير من الشبهات، فالشيطان حريص على قلبك، يلقي فيه شبهة بعد شبهة، ودعاة الضلالة يتكلمون عندك يمينًا وشمالًا، فاحذر من ذلك ولا يتعلق قلبك بهذه الشبهات، ولا تكن كالإسفنجة كلما جاءها شبهة التقطتها، وإنما كن كالزجاجة تشاهد الشبهات، ثم بعد ذلك لا تتشبع بها، ثم بعد ذلك اعرف أنه=