لا تطأ بساط من يَغْشَوْنَ في ناديهم المنكر (٢)، ويَهْتكُون أستار الأدب، متغابيًا عن ذلك، فإن فعلت ذلك، فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة (٣).
(١) هذا هو الأدب الحادي عشر: الإعراض عن مجالس اللغو، والمراد باللغو: أنوع الكلام الباطل، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ٣]، وبعض أهل العلم يقول: إن المراد باللغو: ما لا فائدة له من الكلام، وكلاهما قد يكون مرادًا هنا، فطالب العلم يحفظ وقته، ومن حفظه لوقته أن يعرض عن مجالس اللغو، ليستعمل وقته في طاعة الله - جل وعلا -.
(٢) قوله: "ولا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر"، المراد بالمنكر: المعصية؛ فإنه لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس يُعْصَى الله فيه، وهو قادر على ترك ذلك المجلس، قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الأنعام: ٦٨]، وقال - جل وعلا -: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٤٠]، وجاء في سنن أبي داود بسند ضعيف:(أن النبي ﷺ نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر)[١]، وهكذا بقية أنواع المعاصي.
(٣) قوله: "متغابيًا عن ذلك … "، يعني: لا تجلس في ذلك المجلس الذي فيه معصية، وفيه هتك لستر الأدب، متغابيًا عنه غير ملتفت إليه، فإن فعلت ذلك وجلست في هذه =
[١] رواه أبو داود في "السنن" (٣٧٧٤)، وقال: "وهو منكر".