للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع أدب الزمالة]

٢٣) احذر قرين السوء (١):

كما أن العرق دساس، فإن "أدب السوء دساس"؛ إذ الطبيعة نقَّالة،

(١) هذا هو الأدب الثالث والعشرون لطالب العلم: اختيار القرين الذي يعين الإنسان في طلب العلم، والبعد عن قرين السوء الذي يُشْغِل الإنسان عن طلب العلم، وقد جاءت النصوص الشرعية بالترغيب في اختيار قرناء صالحين يعينون الإنسان على الخير، كما جاء في الحديث أن النبي قال: (إنما مثل الجليس الصالح، والجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة) [١].

وفي سنن أبي داود أن النبي قال: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [٢]

وقال جل وعلا: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: ٦٧]، ومن هنا جاءت الشريعة في الترغيب في اختيار الأصدقاء الطيبين، والمرء يستفيد من اثنين في مسألة القدوة:

أولهما: من يراه مثلًا له فحينئذٍ يقتدي به، ومن هنا جاءت الشريعة بالاقتداء بالنبي كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].

ثانيهما: من يخالطه ويظهر هذا فيما يتعلق بالأصدقاء، فإن الصديق يأخذ المرء من أخلاقه من حيث لا يشعر.


[١] متفق عليه البخاري (٥٥٢٤)، ومسلم (٢٦٢٨).
[٢] أخرجه الترمذي (٢٣٧٨)، وأبو داود (٤٨٣٣).

<<  <   >  >>