تمتع مع البصراء بالمذاكرة، والمطارحة فإنها في مواطن تفوق المطالعة وتشحد الذهن، وتُقَوِّي الذاكرة ملتزمًا الإنصاف والملاطفة مبتعدًا عن الحيف والشغب والمجازفة.
وكن على حذر، فإنها تكشف عوار من لا يصدق.
فإن كنت مع قاصر في العلم، بارد الذهن، فهي داء ومنافرة، وأما مُذاكرتك مع نفسك في تقليبك لمسائل العلم، فهذا ما لا يسوغ أن تنفك عنه. … وقد قيل: إحياء العلم مذاكرته.
(١) قوله: "مذاكرة العلم"، هذا هو الأدب الحادي والأربعون من آداب طالب العلم، ومذاكرة العلم تعني: مراجعته والمناقشة فيه، فيقول: الباب الفلاني، ماذا يشتمل عليه من المسائل؟ يشتمل على مسائل: المسألة الأولى كذا، والمسألة الثانية كذا، والمسألة الثالثة كذا. الباب الفلاني من أبواب العلم ما هي الأحاديث التي تكون فيه؟ ثم أسرد أنا وجليسي أحاديث الباب، أورد حديثًا ثم أنت تورد حديثًا، أقول مثلًا: باب الاعتكاف ماذا وُجد فيه من الآيات القرآنية والأحاديث، نورد الآيات ثم نورد الأحاديث واحدًا واحدًا، أنت تورد حديثًا وأنا أورد حديثًا آخر، هذا يسمى مذاكرة العلم، ومذاكرة العلم من أكبر الوسائل المؤدية إلى حفظ العلم، وقد كان الصحابة والتابعون والأئمة يتذاكرون العلم إذا جَلَسُوا بدأوا يتذاكرون، وكل يوم يتذاكرون في باب أو نحوه، وبالتالي يحفظون العلم.
وهذا شاهده ودليله:(أن النبي ﷺ كان يأتيه جبريل في رمضان فيدارسه القرآن في كل عام مرة)[١]، فهذا من مذاكرة العلم.