(٤٢) طالب العلم يعيش بين الكتاب والسنة وعلومها (١):
فهما له كالجناحين للطائر، فاحذر أن تكون مهيض الجناح.
= وكان الصحابة يذاكرون العلم، فأبو هريرة كان في الليل يراجع الأحاديث التي حفظها لتبقى في ذهنه، وهكذا الأئمة لا زالوا على طلب العلم بواسطة المذاكرة، والمذاكرة فوق المطالعة، تجيء بكتاب وتقرأ في باب الاعتكاف في كتب هذه الأحاديث، هذه مطالعة، فإذا جلست مع طالب علم، وبدأت تذاكر: ماذا ورد في باب الاعتكاف من الأحاديث؟ هذا أقوى في رسوخ المعلومة من الأول، وفي نفس الوقت تجعل الذهن متوقدًا حاضرًا في هذا الباب، وتقوي ذاكرة الإنسان، وتجعله منصتًا لكلامه مع غيره؛ لأنه مرة يعطي معلومة، ومرة يأخذ المعلومة من غيره، وبالتالي يكون لطيفًا، بخلاف المناظرات، فإنها قد يكون فيها ما يكون من القوة وما ينافي الملاطفة، لكن ينبغي أن تبتعد في المذاكرة عن ذلك المتعالم، أو ذلك الكاذب، أو من ليس عنده أمانة علمية؛ لأنه قد يوهمك بأن في هذا الباب الحديث الفلاني، ويوهمك أن هذه المسألة توجد في باب كذا، ويوهمك أن هذه المعلومة عند هؤلاء الفقهاء على هذا النحو، ولا يكون الأمر كذلك، أما مراجعة الإنسان لمسائل العلم في نفسه فهذا عظيم الفائدة.
(١) قوله: "طالب العلم يعيش بين الكتاب والسنة وعلومها"، الأصل في العلم الشرعي الاستمداد من الكتاب والسنة، وحينئذ لا بد أن يكون هما الذي يعول عليهما طالب العلم في علمه، ومن ثم فقراءة أقوال العلماء، والبحث في كتب الفقه إنما هي وسائل يستعين بها الإنسان على ضبط العلم، وعلى القدرة على مراجعة النصوص الشرعية كتابًا وسنة، هذه وسائل، وإلا فإن الأصل هو الكتاب والسنة، ولذلك طالب العلم تجده يعيش بين هذين الأصلين: =