الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأسانيد،
(١) ذكر المؤلف هاهنا الأدب السابع عشر من آداب طالب العلم: وهو أن يتلقى طالب العِلْمِ العلمَ عن الأشياخ، ذلك أن هذا العلم ينقله سلف الأمة إلى خَلَفِها بالنقل والرواية، ولذلك فإن من أدب طلب العلم أخذه من العلماء والأشياخ، لا تلقيه من الكتب؛ وذلك لعدد من الأمور:
الأمر الأول: أن ما يُكْتَب في الكتب تختلف قدرات الناس في معرفة كيفية تشكيله وقراءته، فإذا درسه على مُعَلِّم نبَّه إلى الأخطاء التي تقع في طريقة نطق هذه الكلمات، ومثال هذا عند قراءتنا لهذا الكتاب، نجد أننا نخطئ في طريقة نطق بعض الكلمات، فيأتي الشيخ وينبه عليها، سواء نبَّه عليها مباشرة، أو أعاد نطقها مرة أخرى، بحيث تستقر الكلمة على طريقة نُطْقِ الشيخ، وضربنا لذلك أمثلة.
الأمر الثاني: التمييز بين أنواع الروايات؛ فإن الروايات منها ما هو صحيح، ومنها ما ليس كذلك.
الأمر الثالث: متعلِّق بالقدرة على فهم التراكيب من الكلام؛ فإن المرء إذا قرأ الكتاب وحده قد يُدخِل جملة في جملة، فمن ثم ينقلب عليه المعنى الذي ذكره المؤلف.
الأمر الرابع: أن الطالب إذا تلقَّى العلم عن شيخه استفاد من سَمْتِه ومن هَدْيه، وبالتالي أثَّر في سلوكه.
الأمر الخامس: أن الطالب قد يُشْكِل عليه مسائل، فإذا كان الشيخ عنده سأله عن تلك المسائل المشكلة، وإذا لم يكن عنده شيخ فإنه حينئذٍ لن يتمكن من إتقان جميع الكتب، وتبقى الإشكالات في ذهنه، وكم من مرة وجدنا أخطاء مطبعية في الكتب، فإذا كان عند =