وعليه أيضًا ألا يفتر من طلب العلم، ولا يتوقَّف، بل يستمر ولا يمل إلى الممات، فإنه إذا توقف وظن أنه قد علم أصبح ينتقل إلى الجهل، ولا بد أن يكون ذلك بنية خالصة لله، لا يريد دنيا، ولا يريد مراءاة الخلق، ولا يريد أن يكون له سمعة عندهم (وتواضع) بحيث لا يترفع ولا يتكبر.
(١) قوله: "وإلا فلا يتعنَّ"، في نفسي من هذه الكلمة ما فيها؛ وذلك أن طلب العلم قربة وعبادة، فلو فرضنا أن إنسانًا كان بليد الذهن، أو كان حفظه ضعيفًا، لا ينبغي أن يكون ذلك صادًا له عن التعلم؛ لأن كل حرف يتعلمه يؤجر به عند الله - جل وعلا -، فحينئذ كيف يُفَوِّت على نفسه هذا الأجر، (ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله به طريقًا إلى الجنة)[١]، ولا يشترط في هذا أن يكون صاحب عقل جيد، ولا أن يكون صاحب حفظ وضبط، ولا أن يكون حاذقًا في الصناعة، بمجرد تعلّمه يُؤْجَر، ولو لم يكن قادرًا على الحفظ، فحينئذٍ هذه الصفات ينبغي أن نحرص على تحصيلها، وإذا لم نتمكن من تحصيلها كاملة، فلا يعني أن يكون ذلك صارفًا لنا عن التعلم.
وقد ذكر الشيخ ترتيبًا جيدًا للكتب في أكثر الفنون، وهو ترتيب جيد في الجملة، لكن يحتاج إلى تكميل في بعض جزئياته، ففي الأصول هناك مرتبة وسطى بين الورقات وروضة الناظر، يحسن أن تكون مختصر ابن اللحام؛ وفي التفسير يمكن أن تكون المرحلة الأولى في تيسير الكريم المنان لابن سعدي، ويذكر أحد شروح كتاب التوحيد في آخر المراحل.
[١] أخرجه الترمذي (٢٦٤٦)، وأبو داود (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٢٣).