للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣٦) إجمام النفس (١):

خذ من وقتك سويعات تجم بها نفسك في رياض العلم من كتب المحاضرات (الثقافة العامة)، فإن القلوب يروح عنها ساعة فساعة.

وفي المأثور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: (أجمعوا هذه القلوب، وابتغوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان) (٢).

(١) هذا هو الأدب السادس والثلاثون من آداب طالب العلم: إجمام النفس؛ بحيث لا يحملها على شيء في جميع الأوقات فتمل منه، وكذلك لا يتعب نفسه تعبًا يجعلها تصبح لا تميز العلوم، فإن من جعل نومه قليلًا أقل مما تحتاج إليه نفسه ضعفت نفسه، ولم يستطع التركيز والبحث، وهكذا من لم يَطْعَم الطعام الذي يغذيه، فإن نفسه تضعف، وبالتالي يكل، ولا يتمكن من الفهم، ومن مواصلة التعلم، وشاهد هذا كثير في النصوص الشرعية، يقول النبي : (إن المُنبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى) [١]، المنبت الذي يركب ناقته ويسير بها ويواصل بدون أن يرتاح، فحينئذ يُتعب ناقته فتعجز في نصف الطريق، فيكون لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى، وجاء في الحديث؛ حديث النفر الثلاثة الذين قال قائلهم: أصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أقوم ولا أنام، وقال الثالث: لا أتزوج النساء، فعتب عليهم النبي وقال: (أما والله إني لأخشاكم الله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) [٢].

(٢) قوله: "وفي المأثور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: .... "، وكذلك النظر في بعض النكت والطرائف حتى تنشط نفسك، والنكت: هي الأمور الغريبة؛ والطرائف هي التي تتحرك لها النفس وتطرب، ولذلك كان النبي ربما جاء منه المزاح، قال


[١] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٤٧٤٣).
[٢] أخرجه البخاري (٥٠٦٣).

<<  <   >  >>