للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في حكمة النهي عن التطوع في مطلق الأوقات (١): "بل في النهي بل في النهي عنه بعض الأوقات مصالح أخر، من إجمام النفوس بعض الأوقات، مِنْ ثِقَل العبادة، كما يجم بالنوم وغيره، ولهذا قال معاذ: إني لأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي … " [١].

وقال: "بل قد قيل: إن من جملة حكمة النهي عن التطوع المطلق في بعض الأوقات: إجمام النفوس في وقت النهي لتنشط للصلاة، فإنها تنبسط إلى ما كانت ممنوعة منه، وتنشط للصلاة بعد الراحة. والله أعلم) [٢] ا. هـ

= علي: (أجموا هذه القلوب، وابتغوا لها طرائف الحكمة فإنها تمل) [٣].

(١) قوله: "قول ابن تيمية: في حكمة النهي في التطوع المطلق في بعض الأوقات"، وشاهد هذا أيضًا في منع المكلف من العبادة في بعض الأوقات من أجل ألا يتعب نفسه، وانظر إلى حديث عبد الله بن عمرو لما كان يصوم ولا يفطر، وكان يقوم حتى أثر ذلك على نفسه، فجاء أبوه إلى النبي فسأله عن عبادته، ثم بعد ذلك أرشده إلى ترك مواصلة العبادة، بحيث يجعل وقتًا للراحة، ولا يشق على نفسه، وانظر في حديث تلك المرأة (زينب) التي كانت تضع حبلًا في المسجد حتى إذا تعبت تعلقت بالحبل، فقال النبي : (لا، حُلُوهُ لِيُصَلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد) [٤].

ومن ذلك المفاوتة بين الفنون، فإنك لو استمررت على فنّ واحد من الممكن أن تمل نفسك، فتنتقل من علم إلى علم، كداخل البستان مرَّة يأكل عنبًا، ومرة يأكل رمانًا، ومرة يأكل تينًا، ومرة يأكل من غيره، أما لو أكل من صنف واحد فسيملّ.


[١] مجموع الفتاوي ٢٣/ ١٨٧.
[٢] مجموع الفتاوى ٢٣/ ٢١٧.
[٣] ربيع الأبرار ٥/ ٤٤٦.
[٤] أخرجه البخاري (١١٥٠)، ومسلم (٧٨٤)، والنسائي (١٦٤٣).

<<  <   >  >>