(١) بعد أن ذكر المؤلف ﵀ آداب طالب العلم في نفسه انتقل إلى الآداب المتعلقة بكيفية الطلب والتلقي.
وأول هذه الآداب: أن يحرص على التدرج في التعلم، بحيث يأخذ كل أناس ما يناسبهم، وينبغي أن يكون هذا بأمور:
الأمر الأول: الارتباط بعالم ناصح فاهم مشفق، بحيث إذا ارتبط الإنسان بالعالم استفاد من سمته وهديه، وكذلك درَّجَهُ في العلم، وانتقى له من الكتب ما يناسبه، ويكون صالحًا لحاله.
الأمر الثاني: حسن اختيار الكتاب الذي يدرسه الطالب، وأضرب لهذا مثلًا: سألني بعض الطلاب هنا أن أشرح لهم "مختصر التحرير"، و "مختصر "التحرير" كتاب طويل وصعب، وفيه مباحث دقيقة ومبنية على أصول عقدية، وقد لا يستوعبها هؤلاء، ثم قد يضيق الوقت عندهم، فيأخذون ربع الكتاب، أو نصف الكتاب، ثم لا يتمكنون من إتمامه وإكماله، فيكون عندهم في نفوسهم نوع من التنقص لعدم إكمالهم للكتاب، ولذلك اخترنا لهم أن يكون لنا دورة علمية في كل أسبوع منها نأخذ متنًا علميًّا، فيكون ذلك سببًا من أسباب التحصيل، وإكمال مهمات هذه الكتب، وإدراك الأهداف التي سعى إليها مؤلفو هذه المتون.
الأمر الثالث: التدرج في التعلم، بحيث يبتدئ الإنسان بالنقطة الأولى، ويتجه إلى المتن الأقل ليضبطه ويتقنه، فيكون بمثابة الأساس الذي يؤسس عليه البنيان، وأما إذا أتى ليبني سقف البيت وهو لم يبن أساسه بعد فإنه لن يتمكن من بنائه، ولو وضع سقفًا فهو عما قريب =