للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وإذا نظر الإنسان إلى مثل هذا وجده كثيرًا، حتى إنهم قالوا عن بعض المسائل: هذه مسائل التراجم أو قول التراجم، ما معنى قول التراجم؟ هو القول الذي تنسبه كل طائفة إلى الطائفة الأخرى بدون أن تكون النسبة صحيحة.

مثال ذلك: مسألة: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟ إذا نظرنا إلى كتب الأصول عند الحنفية، قالوا: وقد قالت الشافعية بأن الكفار غير مخاطبين، وإذا نظرنا إلى كتب الشافعية وجدناهم يقولون: الحنفية يقولون بأن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة.

وإذا نظرنا مثلًا إلى مسألة التصويب والتخطئة في المعتقدات وجدناهم ينسبون أقوالًا عظيمة إلى عبيد الله بن الحسن العنبري، وهو منها بريء، بل ينسبون إلى طوائف كثيرة أقوالًا هم منها براء، وفي نفس الوقت في مثل هذه المسألة مسألة التأثيم بالخطأ في مسائل العقائد، نجدهم ينسبون إلى جماهير أهل العلم خلاف ما يقولون به، ومن هنا ففي مسألة التصويب والتخطئة نجد أئمة كالنووي وابن حجر ينسبون إلى الجمهور أنهم يقولون بأن كل مجتهد مصيب؛ لأنهم يقصدون جمهور الأشاعرة، وإلا فإن جمهور أهل العلم من بقية الطوائف يقولون بخلاف هذا، ويقولون: إن المصيب واحد، وإن ما عداه مخطئ، وهكذا أيضًا فيما يتعلق بالأخبار التي يتناقلها الناس، يكون الإنسان متثبتًا فيها ولا يقبل منها إلا ما يكون قد قامت البراهين والدلائل على صحته، قال الله - جل وعلا -: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: ٦]، وورد في بعض القراءات ﴿فَتَثَبَتُوا﴾.

* * * * *

<<  <   >  >>