للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥٧) التنمر بالعلم (١):

احذر ما يتسلى به المفلسون من العلم، يراجع مسألة أو مسألتين، فإذا كان في مجلس فيه من يشار إليه، أثار البحث فيهما، ليظهر علمه!.

وكم في هذا من سوءة، أقلها أن يعلم أن الناس يعلمون حقيقته. وقد بينت هذه مع أخوات لها في كتاب "التعالم"، والحمد لله رب العالمين.

(٥٨) تحبير الكاغد (٢):

كما يكون الحذر من التأليف الخالي من الإبداع في مقاصد التأليف الثمانية، والذي نهايته "تحبير الكاغد" فالحذر من الاشتغال بالتصنيف قبل استكمال أدواته، واكتمال أهليتك، والنضوج على يد أشياخك، فإنك تسجل به عارًا، وتبدي به شنارًا.

أما الاشتغال بالتأليف النافع لمن قامت أهليته، واستكمل أدواته، وتعددت معارفه، وتمرس به بحثًا، ومراجعة، ومطالعة، وجردًا لمطولاته، وحفظًا لمختصراته، واستذكارًا لمسائله، فهو من أفضل ما يقوم به النبلاء من الفضلاء.

ولا تنس قول الخطيب: "من صَنَّفَ فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس".

(١) قوله: "التنمر بالعلم"، بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علمًا، وهو لم يعرف إلا مسألة أو مسألتين، فإذا وجد عالمًا أراد أن يرد على ذلك العالم في هذه المسألة، وكلما وجد حلقة علمية كتب سؤالًا في تلك المسألة، من أجل أن يُناقش العالم بعد الدرس، ويقول له: أنت لم تفهم المسألة، هذه المسألة قال فيها فلان كذا وكذا، من أجل أن يبرز نفسه!.

(٢) قوله: "تحبير الكاغد"، ومما يتعلق بهذا: المبادرة للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح للكتابة والتأليف، أو يكون مع عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به، فيكتب حينئذ ولكن لا بد أن يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.

<<  <   >  >>