للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٧) حفظ العلم كتابة (١):

ابذل الجهد في حفظ العلم (حفظ كتاب)؛ لأن تقييد العلم بالكتابة أمان من الضياع، وقصرٌ لمسافة البحث عند الاحتياج، لاسيما في مسائل العلم التي تكون في غير مظانها، ومن أجل فوائده أنه عند كبر السن وضعف القوى يكون لديك مادة تستجر منها، مادة تكتب فيها بلا عناء في البحث والتقصي (٢).

(١) هذه من آداب طالب العلم: تقييد الفوائد الفرائد وكتابتها، فإن الإنسان تمر به حال دراسته مسائل في غير مظانها، وتمر به مسائل وفوائد لا يتوقع مرورها عليه في ذلك الموضع، وكذلك تمر على الإنسان معلومات غرائب، بحيث تلفت ذهنه لفتًا، وتجر نفسه إلى تذكرها ومعرفتها، والإنسان ينسى، فحينئذ يحسن به أن يقيد هذه الفوائد، سواء كانت قريبة عليه أو عزيزة لديه، أو كانت في غير مواطن بحثها، بحيث يسهل عليه مراجعتها، والكتابة للعلم جاءت به الشريعة فقد قال النبي : (اكتبوا لأبي شاهٍ) [١]، ويدل على هذا أن الله ﷿ قد كتب ما هو كائن إلى قيام الساعة، ولم يكتف في ذلك بكونه محفوظًا، وجاء في الحديث: (أنه لما قضى الله الخلق، كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي) [٢]، وقد أثرت كتابة عدد من الأحاديث عن جماعة من صحابة النبي في عهد النبوة بإقراره .

(٢) قوله: "ومن أجل فوائده أنه عند كبر سنه .. "، إذا تقرر هذا فإن الكتابة تفيد إبعاد النسيان عن الإنسان، وتذكيره بأدنى لفتة فيما كان يعرضه في الوقت السابق، وتُعِينُه حال كبره وكثرة نسيانه، فإن الإنسان عند كبر سنه إذا كان قد وضع مادة علمية تختصر له المعلومات فإنه بذلك يتمكن من مراجعة هذا الجزء فيكون حافظًا لعلمه.


[١] أخرجه البخاري (٦٨٨٠)، ومسلم (١٣٥٥)، وأحمد (٧٢٤٢).
[٢] أخرجه البخاري (٧٤٥٣).

<<  <   >  >>