للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قيل لبعضهم: ألا ترحل حتى تسمع من عبد الرزاق؟ فقال: ما يَصْنَع بالسماع من عبد الرزاق من يَسْمَع من الخلاق؟! (١) [١].

وقال آخر:

إذا خاطبوني بعلم الورق … برزت عليهم بعلم الخرق

فاحذر هؤلاء، فإنهم لا للإسلام نصروا، ولا للكفر كسروا، بل فيهم من كان بأسًا وبلاء على الإسلام (٢).

(١) قوله: "وقد قيل لبعضهم: ألا ترحل حتى تسمع من عبد الرزاق؟ فقال: ما يصنع بالسماع من عبد الرزاق من يسمع من الخلاق؟! "، وذلك أن المتصوفة يرون أن من مصادر التلقي الإلهام والكشف، وهذا طريق باطل لا يصح بناء الأحكام عليه؛ لأن الله لم يأمرنا بالرجوع إلى ما في النفوس من ذلك، وإنما أمرنا بالرجوع إلى الكتاب والسنة، ولأن ما يُلْقى في النفوس لا يأمن الإنسان منه إذ لا يعرف مصدره؛ لأن الشياطين تلقي في النفوس معنى يظن بعض الناس أنه الخير وأنه الحق، وحقيقة الحال أنه ليس كذلك.

(٢) قوله: "قال آخر:

إذا خاطبوني بعلم الورق … برزت عليهم بعلم الخرق

فاحذر هؤلاء، فإنهم لا للإسلام نصروا، ولا للكفر كسروا"، إذا نظرنا حال المبتدعة وجدناهم يقدمون طريقتهم في الابتداع على نصرة الإسلام، ولذلك يحذر الإنسان من طريقة هؤلاء، وإن كان المرء مأمورًا بكف أذاه عنهم، وعدم إيصال السوء إليهم، لكن ذلك لا يعني صحة طريقهم وإنما هم على خلاف الطريقة المرضية؛ لأن الطريقة المرضية تحصل بالتعلم، لا بهذه الأفعال التي تضيع الأوقات ولا يحصل الإنسان بها شيئًا، ومثل هؤلاء من يأخذ من المنجمين، وأهل الأبراج ومدعي الغيب، والمتخرصة في تفسير الأحلام.


[١] انظر: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، لمجد الدين الفيروزآبادي ٤/ ٩٠، ومدارج السالكين لابن القيم ٢/ ٤٣٨.

<<  <   >  >>