= سيسقط، وهذا من أكثر المسائل التي نُعْنَى بها في عصرنا، تجد بعضهم ينتقل إلى المطولات، فيكون سببًا في تخليطه في المسائل، وإدخاله المسائل بعضها ببعض، كم أدركنا من أناس رغبوا في الخير فأخذوا كتاب "المغني"، فبدءوا يقرؤونه يقولون: نريد الكتاب الشامل المحتوي على العلم كله، فلما ابتدءوا في قراءته فإذا في أوله مسائل عديدة متعلقة بالمياه لا يفهمونها، ولا يدركون مصطلحات أهل العلم فيها، فكان ذلك سببًا لتركهم التعلم بالكلية.
ويحضرني في هذا أن بعض الفقهاء الذين ذكروا أنهم كانوا يدرسون مختصر الخرقي، فلما طلبوا من شيخهم أن ينتقل بهم إلى كتاب آخر، قال: هذا الكتاب قد ضبطته، وعرفت ما فيه سأُدرِّسكم إياه، ومن أراد غيره فلينتقل لغيري، ثم قال: أنت يا فلان ويا فلان لا تنتقل عن هذا الكتاب حتى تضبطه، وبذلك لا بد من التدرج في التعلم.
الأمر الرابع: معرفة المصطلحات العلمية في الكتب التي يريد الإنسان قراءتها، بحيث كلما مر عنده لفظ عرف معناه، وعرف مراد أهل العلم به، بحيث لا يُنَزّل كلام أهل العلم على غير مرادهم، فإنك إذا لم تَفْهَمْ هذه المصطلحات، فحينئذ ستفهم كلام الفقهاء فهمًا خاطئًا مغلوطًا، وأضرْبُ لهذا مثلًا: جاءني إنسان ووجدني أقرأ كتاب "الرد على المنطقيين" كانت هيئته حسنة، وأعرف عنه رغبة في العلم، فطلب مني استعارة هذا الكتاب فأعرته له، وبعد أسبوع أعاد لي الكتاب، وقال: هذا كتاب قيم فيه فوائد كثيرة، لكن هذا الكتاب اشتمل على كلمة لا أعرف ما مدخلها في الكتاب، فقلت له: ما هي هذه الكلمة، قال: كلمة الحد، فما مدخل العقوبات عند المناطقة؟ فقلت له: قد أتعبت نفسك بدراسة هذا الكتاب، المراد بالحد: التعريف، والمؤلف في الرد على المنطقيين يرد على المناطقة طريقتهم في التعريفات التي هي الحدود، فعندما يفهم القارئ أن المراد هو الحد الذي يقصد به العقوبة المقدرة حينئذ يكون قد فَهِمَ الكتاب على غير مراد صاحبه.
الأمر الخامس: الحرص على الحفظ، وأول ما يُحْفَظ النصوص الشرعية، الكتاب، والسنة، فإن الإنسان إذا لم يحفظ هذه الأصول فإنه حينئذ لا ينطلق في تعليمه، ولا في دعوته، ولا في علمه من منطلقات صحيحة؛ لأنَّ منطلقات العلم هي النصوص كتابًا =