للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واسْتَدَلَّ عليه بقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: ١٩].

إذا تَقَرَّر هذا، فإن الله - جل وعلا - قد وازن بين العلماء وبين غيرهم، فَرَفَعَ شأن العلماء، وبيَّن رفْعَةً مكانتهم، كما قال - جل وعلا -: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩]، وقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١]، وقال النبي (فضل العالم عَلَى العَابِدِ كَفَضلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) (١)، (وفَضلُ العالم عَلَى العَابِدِ، كَفَضَل القَمَر عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِب) (٢)، والنصوص في هذا كثيرة.

والعِلْمُ لا يَحصل إلا بطلبه، وبذل الأسباب من أجل تحصيله، ولذا كان طلب العلم من أفضل القربات.

وحاجة الأمة إلى العلماء أشد من حاجتها إلى غيرهم كما تقدَّم، ومن هنا فإن العلماء هم الذين يأمرون الناس بالخير، وهم الذين يعلِّمونهم ما فيه نفعهم في دنياهم وآخرتهم، وهم الذين يقي الله الأمة من الشرور، وهم الذين يستنبطون حلول مشاكل الأمة من كتاب الله - جل وعلا - ومن سنة رسوله .

إذا تَوَجَّه الناس إلى رعاية العمل الإسلامي بدون أن يكون ذلك مبنيًّا على علم، كان ذلك سببًا من أسباب انتكاسة العمل الإسلامي؛ وذلك لأن العمل متى كان مبنيًّا على عاطفة، ولم يكن مبنيا على علم شرعي مؤصل من كتاب الله وسنة رسوله ، كان ما يُؤَدِّيهِ من المفاسد أكبر مما يُؤَدِّيهِ من المصالح، خصوصًا في مثل أزماننا هذه، التي ركض فيها أهل الضلالة والفساد نحو


(١) أخرجه الترمذي (٢٦٨٥).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٦٨٢)، وأبو داود (٣٦٤١)، وابن ماجه (٣٢٣).

<<  <   >  >>