للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إمامٌ كثيرٌ الخيرِ، موفر الحظ من علوم الشرع حفظًا وجمعًا ونشرًا بالتعليم والتذكير والتصنيف، وكان لا يزال لسانه رطبًا من ذكر الله تعالى ومن تلاوة القرآن، وربما قرئ عليه الحديث وهو يصلي ويصغي إلى القارئ وينبهه إذا زَلَّ، واجتمع له مع ذلك القبول التام عند الخواص والعوام، والصيت المنتشر، والجاه والرفعة، وتولى تدريس النظامية ببغداد مدة، محترمًا في حريم الخلافة مرجوعًا إليه، ثم آثر العود إلى الوطن واغتنم الناس رجوعه إليهم واستفادتهم من علمه، وتبركوا بأيامه.

وسمع الكثير من الْفُرَاوِيِّ، وزاهر، وفهرست مسموعاته متداول، ومما سمع من الْفُرَاوِيِّ بقراءة تاج الإسلام أبي سعد السمعاني، ومن خطة نقلت سماعه: "دلائل النبوة" وكتاب "البعث والنشور" وكتاب "الأسماء والصفات" وكتاب "الاعتقاد" للبيهقي، وبقراءة الحافظ عبد الرزاق الطَّبَسِيِّ: "التفسير الوجيز" للواحِدِيِّ، وبقراءة الحافظ أبي القاسم الدمشقي "جزء من حديث يحيي بن يحيى" وغيره، وذلك في سنتي تسع وعشرين وثلاثين وخمسمائة.

وكان يعقد المجلس للعامة في الأسبوع ثلاث مرات: إحداها: صبيحة يوم الجمعة فتكلم على عادته يوم الجمعة الثاني عشر من المحرم سنة تسعين وخمسمائة في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُو﴾ (١) وذكر أنَّها من أواخر ما نزل من القرآن، وعدَّ الآيات المنزلة أجزاء منها: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ (٢)، ومنها سورة النصر، وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى


(١) التوبة: ١٢٩.
(٢) المائدة: ٣.

<<  <   >  >>