للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكي شيخنا أبو محمد النجار أنه قد قيل: إنَّ أصلَ اليومِ: أليم وأنَّ اللفظتين قريبتان من الذَّيم والذَّمّ سُمِّيا به لما يشتركان فيه من الامتداد؛ فإن للنهر امتدادًا واليوم أيضًا مُدّة لها امتداد، وأصل الكلمتين الامتداد، وكذلك النهر والنهار يتقاربان في اللفظ ويشتركان في السّعة والامتداد، وقد يعبر باليوم عن الشّدة، ونحو ذلك يفسر قوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ (١).

ويقال: غَانَ الْهَمُّ الْقَلبَ غَيْنًا أي: غَشِيَهُ وغَطَّاهُ، وغَانَ السَّحَابُ السماءَ، وغِينَتِ السَّمَاءُ، وغِينَ عَلَى كَذَا: أي غُطِّي عَلَيْهِ، وَالْغَيْنُ لُغَةٌ في الْغَيْمِ، وَيُقَالُ: السَّحَابُ الرَّقيقُ، وأغَانَ الْغَيمُ السَّمَاءَ أي: أَلبَسَهَا وَغَطَّاهَا، وَالْغَيْنُ: الْعَطَشُ أَيْضًا، تَقُولُ مِنْهُ: غِنْتُ أَغِينُ.

[الفصل الثالث]

ذكر أبو أحمد العسكري في "التصحيف والتحريف" أنَّ كلمة "لَيُغَانُ" مما صَحّفَ فيه مصحفون، فرواه بعضهم "يغار" بالراء، وبعضهم "يعان" بالعين، والصواب: الغين والنون كما سبقت الرواية (٢).

ثُمَّ يجوز أن يجعل قوله: "لَيُغَانُ" من "غِين" وهو أكثر استعمالًا عند أهل اللُّغة، ويجوز أن يجعل من "أغين" والإغانة أكثر دورانًا في لسان المشايخ.

وكتب الشيخ أبو عبد الرحمن السُّلمي في شرح الحديث أوراقًا و سمَّاها "مسألة الإغانة".

وَمِمَّ كاَن يَتُوبُ النَّبِيُّ وَعَلَامَ يُحْمَلُ الْغَيْنُ فِي قَلْبِهِ؟


(١) إبراهيم: ٥.
(٢) "تصحيفات المحدثين" (١/ ١٥٨).

<<  <   >  >>