للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالنَّاجِذُ: آخِرُ الْأَضْرَاسِ، وللإنسان في أقصى الأسنان أربعة نواجذ وتسمي ضرس العقل؛ لأنها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل، ويقال: النَّوَاجِذُ: الْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ.

[الفصل الثالث]

قوله: "بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ" يشير إلى أنَّه يستحسن تحري ذلك الوقت للوعظ؛ لحدَّة الذِّهن وصفاء الخاطر حينئذٍ.

وقوله: "ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ" يُبَيِّنُ حسنَ فكرهم ونظرهم، وتأثرَ قلوبهم بالموعظة البليغة حتى تصاعدت بخارات (١) الأحزان والأفكار المقطرة للدموع.

قال أبو بكر الْآجُرِّيُّ: ولم يقل صرخنا من موعظته، ولا زعقنا، ولا زفنَّا، ولو كان ذلك محمودًا لكانوا أولى الناس به؛ لأنهم أرق قلوبًا، والرسول أصدق الخلق موعظة وأنصح للأمة.

وقول الرجل: "هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ" كأنه جرى فيها ما يفهم التوديع إما من جهة اللفظ أو المبالغة في النُّصح والوعظ، ولما فهم ذلك أخذ بالحزم وبحث عمَّا يوصيهم به ليراعوه.

وقوله : "أُوصِيكُمْ بِتَقْوى اللَّهِ" يدلُّ على أنَّ أهمَّ ما يحافظ عليه المؤمن التقوى؛ وذلك بأداء الفرائض واجتناب المحارم، ولا يتأتَّى ذلك إلا بالعلم، ثم أمرهم بالسمع والطاعة لمن يلي أمرهم كيف كان؛ لتتفق الكلمة ويجتمع الشمل.

قال الإمام أبو سليمان الخطابيُّ: وقوله: "وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا" يعني الذي


(١) كذا في س، د.

<<  <   >  >>