للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صوت جرس فهو نصيبه من المعرفة.

ثم قال عبد الرحمن: الذي يدعيه أهل الأصول من تساوي الأقدام في المعرفة، وتقوله المشايخ من التفاوت صحيحان باعتبارين، وهو في المثال كما يقول العامّي: أعرف الشافعي كما يعرفه المزني، وهو صحيح بمعنى أنه أعرفه بالفضل والتقدم في الاجتهاد كما يعرفه المزني بذلك، ولو قيل المزني أَعْرَفُ بالشافعي من العامّي فهو صحيح على معنى أنَّ اطلاعه على ما استنبطه من الدقائق والتفاريع أتمّ، وهذا التحقيق مشهورٌ في كلام الإمام الغزالي.

[الفصل الثاني]

تَقُولُ: نَجَوْتُ من المكروه أَنْجُو نَجَاءً وَنَجَاةً أي: خَلَصْتُ، وَنَجَّيْتُهُ وَأَنْجَيْتُهُ: خَلَّصْتُهُ، وَنَجَوْتُ الْجِلْدَ عنه إذا سَلَخْتَهُ كَأَنَّكَ خَلَّصْتَهُ منه، وَنَجَوْتُ غُصُونَ الشَّجَرَةِ: قَطَعْتُهَا، وَنَجَوْتُ نَجَاءً: أَسْرَعْتُ وَسَبَقْتُ، وقد يُقْصر.

وَالنَّجَاةُ: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ تَنْجُو بِمَنْ رَكِبَهَا، ويمكن ردّ الأول إلى هذا كأنَّ النَّاجي سبق المكروه وفاته.

وقوله: "إلا إِيَّاكَ" (١) قد تكلمنا في كلمة "إِيَّاكَ" من قبل.

ويقال: تَغَمَّدَنِي الله بِرَحْمَتِهِ أي: سَتَرَنِي بِهَا وَأَلْبَسَنِيهَا.

قال في "الغريبين" (٢): كأنَّه من غِمْدِ السَّيْفِ لأنَّه يستره ويصونه. يقال: غَمَدْتُ السَّيْفَ وَأَغْمَدْتُهُ فَهُوَ مَغْمُودٌ وَمُغْمَدٌ. وَتَغَمَّدْتُ فُلَانًا: سَتَرْتُ مَا كَانَ مِنْهُ. وَاغْتَمَدَ فُلَانٌ الليلَ: دخل فيه كأنَّه صار كالغمد له.


(١) كذا. وفي الحديث: "ولا إياك".
(٢) انظر "غريب الحديث" (غمد).

<<  <   >  >>