فرقةٌ أنكرت الحديثَ من أصله واستعظمت أن يغانَ قلبُ رسول الله ﷺ حتى يستغفر مما أصابه، وعلى ذلك جرى أبو نصر السراج صاحب كتاب "اللمع في التصوف" فروى الحديث وقال عقيبه: هذا حديثٌ منكرٌ.
وهذا مذهبٌ مهجورٌ، وأنكر علماء الحديث استنكار السراج وقالوا: الحديث صحيح، وكان من حقِّه أن لا يتكلمَ فيما لا يعلم.
والمُصَحِّحُونَ له تَحزَّبُوا: فتَحَرَّج من تفسيره مُتَحَرِّجُون.
وعن شعبة أنه قال: سألت الأصمعيَّ فقلت: ما معنى قوله: "إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلبِي"؟
فقال: عَمَّن يروي ذلك؟ قلت: عن النَّبيِّ ﷺ.
قال: لو كان غير قلب النَّبِيِّ ﷺ فَسَّرْتُ لك، وأما قلب النَّبيِّ ﷺ فلا أدري، فكان شعبة يتعجب منه.
وعن الجنيد أنه قال: لولا أنه حال النَّبِيِّ ﷺ لتكلمت فيه، ولا يتكلم في حالٍ إلَّا من كان مشرفًا عليها، وجَلَّت حاله عن أن يشرف على نهايتها أحدٌ من الخلق، وتَمنَّي الصديق ﵁ مع علوِّ رتبته أن يشرف عليها فروي عنه أنه قال: ليتني شهدت ما استغفر منه رسول الله ﷺ.
فهذه طريقة للمصححين (١).
وتكلم فيه آخرون على حسب ما انتهى إليه فهمهم، ولهم منهاجان:
أحدهما: حملُ الغينِ على حالةٍ جيملةٍ ومرتبةٍ عاليةٍ اختصّ بها الرسولُ ﷺ
(١) في "طبقات الشافعية" للسبكي (٨/ ٢٩٠): المصححين. فقد نقل الكلام بتمامه عن الرافعي.