للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد من استغفاره: خضوعُهُ وإظهارُ حاجته وافتقاره إلى ربه أو ملازمتُهُ للعبودية والعبادة إقامة لشكر النعمة التي أعطيها على ما قال: "أَفَلَا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا" (١).

ومن هؤلاء من نَزَّل الغينَ على السَّكينةِ والاطمئنانِ التي نزلت على قلبه المطهر، على ما قال تعالى: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ (٢).

وعن أبي سعيد الخرَّاز أنَّ الغينَ شيءٌ لا يجده إلَّا الأنبياء وأكابر الأولياء، وذلك بصفاء الأسرار ومدد الذكر، وهو كالغيم الرَّقيق الذي لا يدوم، وقد يُفْهم من هذا أنَّ الغيم نعمة جسيمة، وقد يعرض لعزتها عوارض تطرق إليها ضربًا من الفترة، فيستغفر الله لتعود كما كان وتزول فترتها.

وعن الخرَّاز أيضًا أنَّ الغين هو رؤية التقصير في الشكر والعبادة، والاستغفار: الخضوع وإبداء العجز عن القيام بواجب الحق.

والمنهج الثاني: حَمْل الغينِ على عارضٍ يطرأ وغيره أكمل وأليق به، فيبادر إلى الاستغفار إعراضًا وتبرءًا عنها، وعلى هذا كثرة التنزيلات والتعبيرات، وفي هذا القسم يقع أكثر ما أورده السُّلَمِيُّ:

فقيل: كان سبب الغين النظر في حال الأمة واطلاعه على ما يكون منهم، فكان يستغفر لهم.

وقيل: السبب ما كان يحتاج إليه من التبليغ ومشاهدة الخلق فيستغفر منه؛ ليصل إلى صفاء وقته مع الله تعالى.


(١) رواه البخاري (١١٣٠)، ومسلم (٢٨١٩) من حديث المغيرة بن شعبة.
(٢) الفتح: ٢٦.

<<  <   >  >>