للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: السبب ما كان يشغله من تمادي قريش وطغيانهم.

وقيل: ما كان يجد في نفسه من محبة إسلام أبي طالب والله يريد غيره.

وقيل: ما اطمأنَّ إلى أصحابه في بعض مغازيه بقوله: "لَنْ تُغْلَبُوا الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ".

وقيل: لم يزل رسول الله مترقيًا من رتبةٍ إلى رتبةٍ فإذا انتهى إلى درجةٍ عاليةٍ والتفت في عروجه إلى الدرجة تحتها بمرتبة أو مراتب؛ وجد منها وحشة لقصورها بالإضافة إلى التي انتهى إليها، وذلك هو الغين، فيستغفر منها، ويشكر الله تعالى على ما أعطاه من قوة الرقي، وهذا ما كان يستحسنه والدي ويقرره، ويمثله بحال من انفتحت عينه في فنٍّ هو مشغول به فإنه إذا التفت إلى ما كان يتخيل ويتوهم في مبدأ الأمر استنكف منه وخجل.

وقوله: "مِائَةَ مَرَّةٍ" الظاهر أنه ليس على سبيل التقدير بل المقصود المبالغة في كثرة استغفاره، كما في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ (١).

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عن ابن عُمَرَ أَنَّهُ قال: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ الله في المجلس الواحد مِائَةَ مَرَّةٍ قَبلَ أَن يَقُومَ أن يَقُولَ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (٢).


(١) التوبة: ٨٠.
(٢) رواه أبو داود (١٥١٦)، والترمذي (٣٤٣٤)، والنسائي في الكبري (١٠٢٩٢)، وابن ماجه (٣٨١٤)، وابن حبان (٩٢٧). قال الترمذي: حسن صحيح غريب.

<<  <   >  >>