ومن المعلوم أنه كان يتفق له في اليوم الواحد مجالس.
وفي الحديث نَدْبٌ ودعاءٌ إلى التَّوْبَةِ، وإلى الإكثار منها يومًا بيومٍ، وإذا كان الغَدرُ سَجِيَّةٌ ونكث العهد طبيعة في البشر كان الاحتياط للمتيقظ أن يكرر الاستغفار والتوبة كل يوم، فلا يكتفي بتوبة الأمس لما يعلم من العوارض الناقضة لها، ولا يؤخر التوبة إلى الغد حذرًا من أن يعوق عنها عائق، بل ينتهز الفرصة ساعة بعد ساعة.
وقد قال بعض البلغاء: أمس قد مات وأيس منه، وغدًا لم يولد ولعلك لا تشهد ولاده، واليوم الذي أنت فيه في النزع فبادر قبل أن يموت.
وكما أنَّ ذكر المائة جارٍ على التقريب فذكر اليوم كذلك، فلا يختص استحباب التوبة والاستغفار بالنهار، ألا ترى الله تعالى أثني على المستغفرين بالأسحار، وإذا داوم العبد على الذكر وهو لربه مراقب ولنفسه محاسب استنار قلبه فصار ليله كنهاره وسره كجهاره، وعلى ضده إذا استمرت الغفلة والإعراض ودام النكوص والانقباض، سال بصاحب الواقعة السيل، وصار نهاره مظلمًا كالليل، فلم يتوقع لليله صباح، ولا لارتجاج بابه انفتاح، ومدار الأمر نورًا وظلمة وأُنسًا ووحشة على أن يُقَرِّب الربُّ عبده ويجذبه رحمته، وبه يحصل التهذيب، أو يُبعده ويُبعد عنه حفظًا وعنايةً، ومنه يجيء التعذيب، وقد أجاد من قال:[بسيط]