للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله : "ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ" فيه دليلٌ على جواز التوسع باستعمال الاستعارات إذ ليس للإيمان في الحقيقة طعمٌ يذاق، وهو كناية عن إدراك لذَّةِ الإيمان والإحساس بها، ويقرب منه قوله: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ" (١).

وقوله "رَضِيَ بالله رَبًّا" يقال: رضيتُ فلانًا صاحبًا وبه صاحبًا أي: حمدت صحبته، ووافقني أمره، والمعنى مَنْ رضي بالله مالكًا وسيدًا قاهرًا فلم يعترض على حكم من لا يضام ولم يجزع ولم يضطرب مما أجرى من الأحكام، أو رضي بالله مُرَبِّيًا ومبلغًا النعمة حدَّ التمام، وجامعًا للناس وباقيًا بعد فناء الأنام، وحقيق بمن رضي به مالكًا وسيدًا وَمُرَبِّيًا ومتمًّا للنعمة أن يعرض عن تصرفه وتدبيره، ولا يعترض على حكمه وتدبيره، والرضا بما أُمِرَ العبدُ بالرضا به من قضاء الله تعالى أصل عظيم في الدين.

أَنْبَأَنَا والدي، عن أبي أَسْعَدٍ الْقُشَيْرِيِّ قال: ثنا محمد بن أحمد الطَّبَسِيُّ قال: ثَنَا أبو سَعِيدٍ قال: أنبا عبد الرحمن قال: أنبا أبو يَحْيَى الْبَزَّازُ. قال: ثَنَا أحمد بن حَفْصٍ قال: حَدَّثَنِي إبراهيم بن سَالِمٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عن جُوَيْبِرٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابن عَبَّاسٍ أن رسول الله قال: "إن أَوَّلَ شَيْءٍ كَتَبَهُ الله في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ: بسم الله الرحمن الرحيم إنه من اسْتَسْلَمَ لِقَضَائِي ورضي بِحُكْمِي وَصَبَرَ على بَلَائِي؛ كَتَبْتُهُ صديقا وَبَعَثْتُهُ مع الصديقين" (٢).


(١) رواه البخاري (٢١)، ومسلم (٤٣) من حديث أنس بن مالك.
(٢) قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٥٤٢٩): موضوع. وقال: أخرجه الديلمي في مسند الفردوس.

<<  <   >  >>